الأحد، 24 مارس 2019

تسريب ضار بالعملية السلمية في السودان!

 أبدى زعيم حركة العدل والمساواة الدارفورية جبريل ابراهيم استياءه البالغ جراء التصريحات التى أطلقها مؤخراً الدكتور على الحاج محمد؛ الامين العام للمؤتمر الشعبي والتى كشف خلالها الاخير ان جبريل يجري مفاوضات سرية مع الحكومة السودانية ربما تفضي به الى توقيع اتفاق سلام وتسنم منصب نائب الرئيس!
وبحسب مصادر تحدثت لـ(سودان سفاري) من العاصمة الفرنسية باريس فان جبريل ابراهيم اضطر لاجراء اتصال بالدكتور على الحاج مستنكراً فيها تصريحاته تلك واشارة د. علي الحاج بأن جبريل ابراهيم (ليس ببعيد عن المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية والمؤتمر الشعبي وأنه ذو علاقة قوية بهم)!
وقد نفى جبريل –بحسب المصادر– كل ما قاله د.على الحاج ونشرته بعض الصحفة السودانية مؤخراً ولا شك ان استياء جبريل واستنكاره لتصريحات د.على الحاج مردها الى ان جبريل يستشعر حرجاً بالغاً مع بقية رفاقه فى قوى المعارضة لأمرين:
الاول ان اجراؤه لمفاوضات بعيداً عنهم و بسرية تامة بكل ما فى ذلك من وصم بالخيانة ؛ والثاني ان جبريل مرتبط بالمؤتمر الوطني والحركة الاسلامية بما يصوره عنصراً مضاداً لبقية قوى المعارضة.
تصريحات الدكتور على الحاج التى من المؤكد ألحقت ضرراً بجبريل ابراهيم من قبل قادته وعناصره الميدانية التى من المؤكد انه لم يستشعرها ولم يناقش معها تفاوضه مع الحكومة –اذا صح التفاوض– الامر الذى يورث غبناً لدى عناصره من أنه ينفرد بإتخاذ المواقف فى غيبة مشورتهم و إحاطتهم علماً بما يجري.
وفيما يبدو ان جبريل وبغض النظر عن صحة تفاوضه مع الحكومة السودانية من عدمها يفضل ان يقيس درجة حرارة المياه التى يخوض فيها من قبل ان يحيط الآخرين بمواقفه وما يفعله، وهو أمر من الممكن ان يتفهمه المراقبون اذ ان أغلب الاتفاقيات السياسية الناجحة في العادة تحاط في بدايتها بالسرية المطلوبة للمحافظة على كل عناصرها بافضل ما يمكن وصولاً الى الاتفاق النهائي المبني على رؤى قوية مفيدة للطرفين.
وعلى ذلك فان المفاضات السرية و الحرص على سريتها ليست بدعاً فى حد ذاتها ولا تعتبر عيباً طالما ان السياسة هي فن الممكن وطلما ان اي إتفاق او تفاوض حتماً سوف يتم إخراجه الى العلن طال الزمن او قصر!
ويذخر التاريخ السياسي القريب للسودان ان اتفاق نيفاشا 2005 سبقته مفاوضات سرية بل حتى اتفاق ابوجا 2006م، وإتفاقية الشرق 2007 وإتفاق الدوحة 2012 كلها سبقتها مشاورات ومفاوضات احيطت بسرية كاملة لا لسبب ولكن فقط بغرض انجاحها و منع اي اسباب فشل قد تعترضها، ولعل ما يدعم موقف جبريل ابراهيم ان الحروب وحدها ومهما طال امدها ومهما انهزم طرف او غلب آخر لابد ان تنتهي بتسوية سياسية على مائدة مفاوضات.
 ولكن يظل رغم كل ذلك ما أدلى به د. على الحاج بمثابة تعجُل غير مفيد، وتسريب ضار بالعملية السلمية و د. على الحاج أحد ابرز خبراء التفاوض فى السودان ولديه العديد من الجولات فى السابق بغض النظر عن النجاح والاخفاق ولم يكن فى حاجة لإفساد العملية مقابل الكسب الاعلامي والسياسي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق