الأربعاء، 20 مارس 2019

وفد الكونغرس بالخرطوم…هل تحققت الاهداف؟

وجدت الزيارة التي يقوم بها وفدٌ من الكونغرس الأمريكي للسودان هذه الأيام، ردود فعل مُتباينة وسط المَهمومين بقضايا السَّاحة السِّياسيَّة، إذ يرى بعض المُتابعين أنّ الزيارة تأتي في الوقت الذي تُدير فيه الخرطوم حواراً ثنائياً مع الإدارة الأمريكية بغية التّوصُّل لتفاهمات بين الطرفين يخدم قضايا السودان لدى المجتمع الدولي.

وقد وجد السودان عقب العديد من الاتصالات والخطوات الدبلوماسية، أذناً صاغية وسط صُنّاع السياسة الأمريكية، وبالتالي فحسب هؤلاء أنّ الزيارة تخدم هذا الاتجاه، وأنّها ربما أريد بها إذابة الجمود الذي ضَرَبَ الخَطوات الوثّابة التي ابتدرتها الخارجية السودانية ونظيرتها الأمريكية بعد أن تَواصَلت المَجهودات الحوارية والدبلوماسية لخارطة طريق بين البلدين تكلّل برفع العقوبات الاقتصادية خلال الأعوام الثلاثة السابقة.
بَينما يَرَى البعض الآخر من المُتابعين أنّ الزيارة لا عِلاقة لها بسابقاتها من الزِّيارات التي تقوم بها الحكومة مع الإدارة الأمريكية ولا علاقة لها بالجانب الرسمي في البلدين، ويرى هؤلاء أنها جاءت بترتيبٍ من المعهد الأمريكي “همبتي دمبتي” بمعية مجموعة من إدارة المعهد وأحد نُوّاب الكونغرس الذي لا يُعد وجوده خلال هذا الوفد وجوداً رسمياً، أو أنّه لم يأتِ مُبتعثاً من الكونغرس، ورغم ذلك تعاملت معه الحكومة تعاملاً رسمياً وأجرت معه مباحثات تناولت العديد من القضايا الرسمية.. فما هي حقيقة هذه الزيارة التي أحدثت كل هذا اللغط؟!
أزمة “المُسترزقين”
عَابَ د. أبو بكر آدم الأكاديمي بالجامعات السودانية، المُحلِّل السِّياسي على الحكومة خداعها بمثل هذه الوفود التي كثيراً ما يأتي بها بعض “المُسترزقين” من هواة اللعب السِّياسي والغش تحديداً في الظروف التي يعيشها السودان، وقال آدم في حديثه لـ(الصيحة) إنّ السُّودان يملي عليه وضعه المأزوم أن يتمسّك بكل خيوط الأمل الممدودة بعد مُحاصرة ليست بالقصيرة من قبل الولايات المتحدة التي لعبت مع الحكومة لعباً خشناً متفاوت الدرجات. ففيما أرهقت سياسات الإدارة الأمريكيّة، السُّودان في وقتٍ ما، عدّلت على مُعالجة ذلك بفك الحظر الاقتصادي عن السُّودان، الذي لم يَكن هُو كُلّ العُقُوبات التي تَفرضه عليه، لأنّ قضية الدُّيون الخارجية على الخزانة السُّودانية ما زالت آثارها تعيق كُلّ المُعالجات الاقتصادية، وقال أبو بكر إنّ هذا الوفد الأمريكي الذي قدم للسُّودان وأجرى مع قيادات مُهمّة في الدولة مُباحثات، اهتم حقيقةً بقضايا تهمه فقط، فهو جاء لا يحمل أيِّ تفويضٍ من الإدارة الأمريكية للتباحث مع السُّودان في أيٍّ من القضايا العالقة بين البلدين، ولذلك فهو لا يَحمل أيِّ بشريات لإذابة الجليد الذي ضَربَ علاقات الخرطوم الخارجية وتحديداً في ملف الدُّيون الخَارجيّة والعُقُوبات المَفروضة على السُّودان اقتصادياً وقضايا الأموال السُّودانية المُجمّدة لدى البنوك الأمريكية والأوروبيّة على خلفية العُقُوبات المَفروضة على السُّودان جَرّاء تفجيرات نيروبي والمُدمّرة كول قبل أكثر من عشرين عاماً.
فيما يرى الكثير من المُتابعين بأنّ السُّودان لا علاقة تربطه بتلك القضايا التي ما زالت تمثل “صخرةً” عصيةً على الحكومة تحريكها من مَسَار علاقاتها الخارجيّة.
حُضُورٌ مُخطّطٌ
ويُفسِّر بروف السر علي محمد الخبير الاستراتيجي ، وجود هذا الوفد بالخرطوم في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد حراكاً كثيفاً تقوده المُعارضة السُّودانية بالداخل والخارج بأنه ليس نتاج صدفة، وإنّما جاء مُخطّطاً له تخطيطاً دقيقاً ليخدم العديد من الأهداف في ظل مُحاصرة الكثير من القضايا الكبيرة، الحكومة، ولا تزال هناك مُحاولات جبّارة تبذلها الحكومة في كل الأُطر الداخلية والخارجية لإيجاد حُلُولٍ مُلائمة لها ترضي الجميع، وأوضح لـ (الصيحة) أنه لا يرى الزيارة إلا وأنّها تسعى لتحقيق بعض المطامح والأهداف الشخصية لبعض الاتجاهات التي لم يُسمِّها، ضارباً بكل المَساعي التي تُبذل من الطرفين عرض الحائط، وقال إنّ على السُّودان أن يبحث عن قضاياه وحُلُوله بصورةٍ أكثر إقناعاً، وأضاف أنّ الحسنة الوحيدة من هذه اللقاءات وإذا صَحت النوايا التي تَناقَلت بين المُتباحثين هو مُطالبة الحكومة عبر قيادييها الذين التقاهم الوفد بحث ملف الدُّيون الخارجية للسُّودان، بجانب دَعمهم للجُهُود التي يَبذلها السُّودان مع أصدقائه في المُجتمع الدولي لرفع اسمه من ملف الإرهاب والقائمة السوداء التي أُلحق بها، وتكسّرت كل مُحاولاته في الخروج منها، وزاد: رغم أنّ الزيارة، رأي البعض أنّها تأتي في إطار السِّباق المَحموم للدُّول الكُبرى للسَّيطرة على المَنطقة والسُّودان أحد أهم أقطارها، إلا أنّ الأجندة التي سَيطرت على مَجرى اللقاءات المُختلفة للوفد تُعد من الأهمية بمكانٍ إذا وَجَدَت نتائجها الطَريق للدُّولاب الرسمي الأمريكي.
أهمية الوفد
ويقول السفير بابكر الصديق الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية إنّ الوفد الأمريكي يكتسب أهميته بوجود أحد نُوّاب الكونغرس الأمريكي (قس بيليراكيس) منذ العام 2007 وإلى الآن، وقال لـ(الصيحة) إنّ طبيعية الزيارة برلمانية، رغم أنّ لقاءً جَرَى بين وزير الخارجيّة د.الدرديري مُحمّد أحمد والوفد الأمريكي الزائر بمعية القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم استيفن كوستيس، وقدّم الوزير شَرحَاً ضَافِياً للوفد عن التّسامح الديني ومَسيرة الحوار بين السُّودان وأمريكا، وقال الصديق: “في تقديرنا أنّ التّواصل مع أعضاء الكونغرس مُفيدٌ وضَروريٌّ باعتبار الدّور المُهم والحَاسم الذي يلعبه الكونغرس في رسم السِّياسات الأمريكيّة، خَاصّةً فيما يتّصل بالعلاقات الخارجية، وأنّ مثل هذه الزِّيارات تُشجِّع الأعضاء الآخرين على أن يفعلوا الشيء نفسه”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق