الخميس، 28 مارس 2019

معسكرات النازحين في دارفور مخاطر ومهددات أمنية غير منظورة!

يشكل ملف النازحين ومعسكراتهم فى إقليم دارفور واحداً من أكثر الامور تعقيداً فى المسار الاجتماعي و الحياة الطبيعية السلمية في السودان. صحيح ان النازحين و معسكراتهم تسبب فيها النزاع الذي دار في الاقليم .
صحيح أيضاً ان العمل الانساني بصفة عامة عمل يلازم دائماً النزاعات والحروب كترياق لتداعياتها و الظروف الصعبة التى تخلفها المنازعات و الحروب غير ان العمل الانساني لم يترك هكذا على النطاق الدولي بلا قواعد و قوانين؛ بل ان العالم شهد فى العقود الاخيرة حديثاً مما بات يعرف بـ(القانون الدولي الانسانى) والذى تأسس على 4 مبادئ هي:
 الانسانية، الحياد، النزاهة، الاستقلال. فتلك هي دائما ركائز العمل الانساني وقد دخلت لاقليم دارفور مع بداية الازمة وظهور حركة النزوح ومعسكرات النازحين عدد من المنظمات الانسانية الاقليمية والدولية بدافع الإسهام في العمل الانساني مما جعل اقليم دارفور بحق (ساحة للعمل الانساني) ومسرحاً كبيراً لحركة وانشطة هذه المنظمات.
ومن هنا وبسبب حركة النزوح ونشوء المعسكرات ودخول هذه المنظمات الى الاقليم نشأت حساسية متبادلة بين الحكومة السودانية وهذه المنظمات. ومن المؤكد -وفق ادلة وشواهد- ان هذه المنظمات لم تكن بريئة ولا ان غرضها انساني محض، ولا تحلت -للاسف الشديد- بركائز العمل الانساني المشار اليها المتمثلة فى الانسانية والحياد و النزاهة والاستقلال.
ولهذا شاع وقتها اتخاذ الحكومة السودانية قرارات صارمة ضد عدد من هذه المنظمات من واقع مساسها بصميم سيادة الدولة وابتعادها عن اغراضها القانونية المعروفة. ويكفي في هذا الصدد ان ندلل على هذه الفرضية بأن مدعي عام محكمة الجنايات الدولية السابقة (لويس اوكامبو) لم يطرف له جفن حين سئل ذات مرة عن كيفية حصوله عل المعلومات التى استخدمها فى تحقيقاته ومرافعاته ضد المسئولين السودانيين فأجاب بغير تردد ان مصدر معلوماته (المنظمات العاملة فى دارفور).
وبحسب دراسات وبحوث ميدانية اجراها باحثون على امتداد اقليم دارفور فإن بعض المنظمات الطوعية هذه تحولت الى ما يمكن ان نطلق عليها (اقطاعيات) خاصة ببعض الاسر والعوائل الدارفورية. وقد ادى هذ العمل الى تحويل معسكرات النازحين في ما بعد الى تجمعات سالبة رافضة لأي تواجد حكومي بداخلها مدنياً كان أو عسكرياً و تواجد بعض منسوبي وعناصر الحركات المسلحة داخل هذه المعسكرات واكثرها داعم ومؤازر لحركة عبد الواحد نور الامر الذى يتنافى بلا شك مع كل الاعراف الدولية والقوانين الدولية المنظمة للعمل الانساني.
وكما أشرنا فإن المجموعات المسلحة مثل حركة عبد الواحد وجدت مرتعاً خصباً لانشطاتها داخل هذه المعسكرات بالتضامن مع بعض المنظمات الطوعية وأتبعت اساليب تخويف وترويع و توقيع الغرامات المالية واصدار احكام الاعدام بحق المقيمين بالمعسكرات او السجن، بل ان هذه الحركات نجحت فى فرض رسوم مالية على كروت الاغاثة الشهرية لدعم حركة عبد الواحد كما ظلت تجبر الشباب والصبية على التجنيد لصالحها بالقوة، وجميعها ممارسات تجري على مرأى ومسمع المنظمات الانسانية العاملة فى الاقليم دون ان تحرك ساكناً!
وهكذا ظل النازحون ومنذ العام 2003 عام اندلاع النزاع يعترضون على كل قرارات الحكومة السودانية ويقفون ضدها بفعل وجود الحركات المسلحة داخل هذه المعسكرات، فقد عارضوا قرار السجل الانتخابي و الاحصاء السكاني. وتشير وقائع التاريخ الى إنعقاد مؤتمر للنازحين فى معسكر (كلمة) فى 1 يونيو 2016 حضره ممثلون لـ(174) معسكر خرج بقرارات اهمها تفويض عبد الواحد لاقتلاع النظام، تسليم نسخ من التوصيات للامم المتحدة والاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي والحكومة السودانية، منع التفاوض مع الحكومة، منع تخطيط المعسكرات، عدم العودة الى القرى والمدن قبل تحقيق شروطهم الخاصة بالامتناع عن التفاوض وعدم المشاركة فى الاستفتاء وطرد المستوطين الجدد ونزع سلاح المليشيات، وهي دون شك مطالبة سياسية بامتياز بما يشير الى ان النازحين تحولوا الى ناشطين سياسيين وحولوا معسكراتهم الى بؤر غير آمنة.
ولعل  أكثر ما يؤسف له فى هذا الصدد ان معسكرات النازحين فى دارفور تجاوزت –قانوناً- القيد الزمني المنصوص عليه فى قوانين العمل الانساني والمقرر ألاّ يتجاوز العامين فقط ومع ذلك ما تزال هذه المنظمات تعمل وتستقطب منظمات وطنية محلية لتواصل العمل مستندة الى دعم دولي غرضه الاساسي اشاعة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي بما يجعل النازحين ومعسكراتهم أدوات من أدوات الحرب القذرة المفروضة على السودان. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق