الأربعاء، 20 مارس 2019

المعارضة السودانية وإستعصاء إستيعاب مادة السياسة السودانية!

ما يزال ما يعرف بـ(تجمع المهنيين) غارقاً فى أحلامه السياسية بأن تُلقِى له ضفة الاحداث بجثة الحكومة الى حيث يقف ويرفض -استناداً الى هذا الحلم الوردي الأخاذ- اي تفاوض او مبادرة او عمل سياسي وطني من أي نوع.
ما يسمى بقوى الاجماع التى تصدر مشهدها الحزب الشيوعي السوداني هي الاخرى -فى تكرار ممل للاخطاء- ترفض المائدة السياسية الوطنية المفضية الى حلول سياسية ممكنة. قوى نداء السودان رغم اعلانها انها تملك مبادرة تحدث عنها السيد الصادق المهدي إلا انها ما تزال ما بين رافضة ومتعلقة بأمل المهنيين!
هذا المشهد السياسي المثيرة للدهشة والاستغراب لن تجده الا فى أوساط المعارضة السودانية. دائماً تأتي الفرصة والسوانح التاريخية النادرة الى المعارضة السودانية فى عقر دارها بلا مشقة، ولا عناء بقطوف دانية ولكنها –لأمر غير مفهوم مطلقاً– تركل السانحة برجليها ثم تعود وتبحث عن أمل ضائع فى نهارات السياسة السرابية المخادعة!
قبل حوالي 4 اعوام اضاعت قوى المعارضة سانحة الحوار الوطني وهي واحدة من كبريات المشروعات السياسية التى لا تتكرر عبر مائدة مستديرة وبضمانات حضور ونقاش وإنفاذ مخرجات وكان ممكناً وسهلاً للغاية ان تسيطر المعارضة سيطرة تامة على مشروع الحوار؛ وتحقق انجازاً سياسي غير مسبوق بفرض راؤها والاصرار على المشروع وحمايته وتقوية سياجه، فقد كان مشروعاً مبذولاً من الحكومة السودانية وسانحة وطنية (مجانية) لا تكلف دماء ولا مال ولا وسطاء ولا إراقة ماء وجه فى السوق السياسي الدولي. فقط إرادة وطنية، نوايا صادقة واصرار على الوصول الى الغايات المرجوة.
قوى المعارضة ربما من واقع شعورها بالبطر السياسي -اذا صح التبعير دقلت كل دلو المشروع فى وحل انتظار المجهول والانتفاضة العصية.
قبل مشروع الحوار الوطني -2014م- كانت قد مرت سانحة (نيفاشا 2005) ، فقد شكلت هي الاخرى مائدة سياسية عامرة، وبوابة دخول الى محفل سياسي جديد بدستور انقتالية محترم وفترة انتقالية طويلة - 6 سنوات، أهدرتها قوى المعارضة فى مهاترات سياسة وتمني الامنيات!
وفي هذه اللحظة المفصلية النادرة، قدم الرئيس البشير (تسهيلات سياسية) بحل الحكومة المركزية والحكومات الولائية والتخلي عن رئاسة الحزب الوطني والاعلان عن تشكيل حكومة كفاءات وطنية إيذاناً ببداية (صفحة جديدة) فى كتاب التاريخ السياسي السوداني. دون اي كلفة للمعارضة، فهي لم تتكلف عملاً سياسياً يؤبه له فى الشارع لم تقدم اية تضحيات، لم تخسر سياسياً، جاءها مشروع سياسي رئاسي يجرجر أذياله ولكنها ما تزال سادرة فى غيّها تنتظر عشاء المهنيين آخر الليل الطول البهيم!
من المؤكد ان السياسة فى مبتدئها و منتهاها هي فن المتاح والممكن و القوى المعارضة ثبت لديها استحالة تحقيق ما يدور فى خلدها بحكم المتغيرات، كما أنها تزداد ضعفاً ويتراجع تأييدها وينفض الناس من حولها، فما هي جدوى هذا الامل الطويل والحبال الواهنة التى لم تعد تأتي بالأماني الكاذبات؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق