الأربعاء، 20 مارس 2019

تجمع المهنيين.. نشطاء من (الماضي) ضلّوا الطريق الى (المستقبل)!

بعد انحسار موجة الاحتجاجات الاخيرة فى السودان، والقرارات المفصلية التى اصدرها الرئيس البشير عشية الثاني والعشرين من فبراير الماضي، فغن ما يسمى بـ(تجمع المهنيين) حار به الدليل تماماً!
وأولى المفارقات فى هذا الصدد كانت تعود الى سبب بسيط للغاية، فتجمع المهنيين لم يكن هو قادح شرارة الاحتجاجات ولم يكن قائدها ابتداءً، ولذا وحين انحسرت موجتها لم يجد ما يحرك به لسانه ليعجل بها!
 فمن تصاريف الاقدار السياسية هنا ان الذي يلحق بقطار متحرك ويتصرف وكأنه قائد القطار، سرعان ما يفتضح أمره ويدرك هول فجيعته حين يقرر قائد القطار الضغط على المكابح ووقف دوران الماكينة.
لقد حاول تجمع المهنيين عبثاً ان يعيد تحريك الشارع، تارة باطلاق دعوة للاضراب العام وحين فشلت وأبانت عجزه المؤلم، حول الى الدعوة الى موكب يتجه الى البرلمان لرفض قوانين الطوارئ، وحين أخفق اطلق الدعوة لما يسمى (بالعصيان المدني). والمؤسف فى كل هذه المحاولات العابثة و اليائسة انها كانت تجري والتجمع فى وادي وشعب السودان، بل والمهنيين أنفهسم فى وادي آخر!
فالكل ادرك ان تجمع المهنيين ليس هو قائد الاحتجاجات ولكنه (راكب) حصل على تذكرة مزيفة، وحين توقف القطار رفض النزول واستحال عليه مواصلة السير واستعصى عليه دفع القطار دفعاً بالدين!
ولا شك ان العظة السياسية الواضحة التى لا لبس فيها ولا غموض فى هذا الصدد ان تجمع المهنيين لم يقرأ جيداً السياق العام للمتغيرات السياسية الضخمة التى جرت تحت جسر السودان فى الألفية الثالثة. متغيرات جذرية لا يجدي معها استدعاء التاريخ القديم ومحاولة تفصيل بنطال سياسي حديث من جلباب كلاسيكي قديم.
فالسودانيون بصفة عامة ترقى مزاجهم السياسي بحيث باتوا على وعي وبواقعهم، سئموا التعدديات الحزبية بمكايداتها ومراوغاتها وألاعيبها التى لا تبني قاعة درس او غرفة عمليات فى مستشفى او مشروعاً خدمياً.
تجارب سابقة عديدة عاشها السودانيون تحت احلام الديمقراطية الحزبية الممتزجة بألاعيب الطائفية ونظريات يسارية تجاوزها التاريخ. الحكومات فى المخيلة الشعبية فى السودان يجب ان تقدم الخدمات وتسوس الناس وفق حاجاتهم ومنافعهم وإذا ما حادت علت الطريق تُوصل اليها الرسالة وعليها إلتقاطها وان تفعل الصواب.
من المضحك والمبكي ان يتعامل تجمع المهنيين بعقلية (جبهة الهيئات) -اكتوبر 1964- و (التجمع النقابي) -ابريل 1985- وأن يعتقد بعد كل هذه العقود الطويلة ان بالامكان اقتلاع الحكومات كما تقتلع الحشائش والنباتات ويحل محها حملة السلاح والمتعاونين مع المخابرات الأجنبية واليسار الحائر، الباحث عن المستقبل فى ثنايا الماضي السحيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق