الخميس، 28 مارس 2019

المُدمِّرة كول.. انتصارٌ جديدٌ للسودان

منعت المحكمة الأمريكية العليا أمس الثلاثاء، البحارة الأمريكيين الذين أُصيبوا في تفجير المدمرة الأمريكية كول على يد تنظيم القاعدة في العام 2000 من الحصول على 314.7 مليون دولار تعويضات من حكومة السودان، لدورها المزعوم في الهجوم .

بغالبية ثمانية قُضاة مُقابل واحد، ألغت المحكمة قراراً لمحكمة أدنى درجة كان يُتيح للبحّارة الحُصُول على التعويضات من بُنُوكٍ تضم أرصدة سودانية. ويمثل القرار الجديد انتصاراً كبيراً للسودان، الذي نفى تقديم أيِّ دعم لتنظيم القاعدة لتنفيذ الهجوم على المُدمِّرة قبالة سواحل اليمن.
دعم أمريكي
ووفقاً “لرويترز”، فإنّ السودان مدعوما من قبل إدارة الرئيس ترمب، إذ فرضت محكمة ابتدائية الاضرار بشكل افتراضي، لأنّ السودان لم يُدافع عن نفسه ضد المزاعم بتقديمه دعماً للجماعة الإسلامية المتشددة، حين قدم 15 من البحارة وثلاث من أزواجهم شكوى لمُقاضاة حكومة السودان في العام 2010 بواشنطن، ودَارَ الخلاف آنذاك حول ما إذا كان إرسال الدعوى إلى السفارة السودانية يُعد انتهاكاً لقانون الحصانات السيادية الأجنبية، وهو قانونٌ يُحكم به عندما يجوز مُقاضاة الحكومات الأجنبية في المحاكم الأمريكية،
وأخبرت إدارة ترمب، القضاة أن الحكم ضد السودان يمكن أن يؤثِّر على كيفية معاملة الحكومة الأمريكية من قِبل محاكم أجنبية، لأنّ الولايات المتحدة ترفض الإشعارات القضائية المُقدّمة إلى سفاراتها.
تكتيك حكومي
وتأكيداً لما ذهبت إليه حكومة ترمب، قال الخبير الدبلوماسي علي يوسف، إنّ الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية درجت على اتّباع القوانين الدولية في المسائل المشابهة وإيصالها إلى أقصى درجات مراحل التقاضي، مؤكداً استقلالية القضاء والعدالة، واشار لـ (الصيحة) إلى أن السودان تجاهل الملف لقناعته بعدم تورطه في الحادثة، غير أنه استشعر المخاطر التي ربما تدخله فيها، واتجه إلى الاستعانة بمحامين مهنيين دوليين، والتي أفضت في النهاية لإظهار براءة السودان، وأضاف أنّ ما صدر من حكم لصالح السودان يمثل دليلاً على استقلالية القضاء، وأنّ الموقف الذي اتّخذه السودان بالاستعانة بالمحاميين المهنيين كان سلمياً ومطلوباً في إشارة لانتقادات وُجِّهت للحكومة السودانية آنذاك بتعيين محامين دوليين نسبة لكلفتهم الباهظة.
واعتبر مصدرٌ دبلوماسيٌّ رفيعٌ، القرار الصادر أمس من المحكمة العليا إحقاقاً للحق وإن جاء متأخراً كثيراً، وأن تاتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي على الإطلاق، واضاف المصدر لـ (الصيحة) أنهم يتمنون بأن يكون القرار القضائي مقدمة لتبرئة السودان لحالات كثيرة من الظلم الذي وقع عليه جرّاء تخبُّط السياسة الأمريكية الخارجية. ثم يقع على عاتق وزارة الخارجية البناء على هذا التطور المهم ومواصلة الحوار مع الأمريكان لسحب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال المصدر ان الادعاء الخاطئ على السودان في حادثة الباخرة “كول” باليمن عزّز دعاوى الجهات المعادية والمتطرفة في الدوائر الأمريكية برعاية السودان للإرهاب، وطالما سقطت الحجة التي بنوا عليها اتهام السودان، ينبغي عقلاً أن تسقُط الاتهامات هي الأخرى.
فيما قال القائم بأعمال السفارة السودانية السابق بواشنطن السفير معاوية عثمان خالد، إنّ قرار المحكمة العليا للولايات المتحدة هو بلا شك انتصارٌ قانونيٌّ كبيرٌ للسودان، إذ أثبتت المحكمة خطأ إجراءات التقاضي التي اُتّخذت ضد السودان ابتداءً، وذلك أنّ جميع الأحكام التي صدرت ضد السودان كانت أحكاماً غيابية نجمت عن إجراءات خاطئة لم يتمكن خلالها السودان من الدفاع عن نفسه، مُضيفاً أنه بهذا القرار أثبتت المحكمة العليا الأمريكية صحة دفوعات السودان القانونية، وأوضح أن القرار سيفتح الباب مرةً أخرى أمام السودان لإثبات براءته الواضحة من التُّهم الجزافية التي قامت عليها الدعاوى الباطلة، وأثنى عثمان، على رئاسة الجمهورية وقال إنها أحسنت صنعاً وهي تولي هذا الموضوع أهمية استثائية وتشرف عليه إشرافاً كاملاً مع تفويض وزارتي العدل والخارجية لاتخاذ كل الخطوات المطلوبة لمُعالجته.
انتقادات شعبية
ووفقاً “لرويترز”، فإنّ البحّارة انتقدوا بشدة موقف الإدارة، وقالوا في بيانٍ لهم آنذاك، إنّ وقوف الإدارة الأمريكية مع دولة ترعى الإرهاب ضد الرجال والنساء الذين يسعون إلى التعافي من إصابات جسيمة لحقت بهم في خدمة بلدنا، أمرٌ لا يٌمكن تفسيره.
وكان الهجوم الذي وقع في 12 أكتوبر 2000 قد أسفر عن مقتل 17 بَحّاراً وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين عندما قام رجلان على متن قارب صغير بتفجير مُتفجِّرات، إلى جانب مُدمِّرة الصواريخ المُوجّهة للبحرية بينما كانت تُزوّد بالوقود في ميناء عدن جنوب اليمن، مِمّا أدى إلى حدوث فجوة كبيرة في هيكلها، وتم إصلاح السفينة وعادت في وقتٍ لاحقٍ إلى الخدمة الفعلية الكاملة.
وفي عام 2012، أصدر قاضٍ اتحادي في واشنطن حكماً افتراضياً بقيمة 314.7 مليون دولار ضد السودان، وكان يتعيّن على المدعين الأفراد الحصول على ما يتراوح بين 4 ملايين دولار و30 مليون دولار لكل منهم.
وفي وقتٍ لاحقٍ، أمر قاض منفصل في نيويورك، بعض البنوك بتسليم الأصول التي كانت بحوزتها للسودان للوفاء جزئياً بالحكم، وأيّدت محكمة استئناف الدائرة الأمريكية الثانية في نيويورك تلك الأوامر في العام 2015م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق