الأحد، 24 مارس 2019

الأطراف المتحاربة تتلاعب بالمانحين

اتّهمت الأمم المتحدة حكومة جنوب السودان بابتزاز المانحين الدوليين ومنظمات الإغاثة الإنسانية من أجل تمويل جهودهم الحربية، وقالت في تقريرٍ نشره موقع “افركان ارقيومنتس” بعنوان: كيف تلاعبت الأطراف المُتحاربة في جنوب السودان بالمانحين الدوليين  قالت إنّ الحكومة تستخدم سُلطاتها للسّيطرة على المُساعدات الإنسانية بحجة توزيعها على المواطنين ومن ثم تستأثر بها لدعم مجهوداتها الحربية، وأشار التقرير إلى استلام جوبا 10 آلاف طن من الأرز أرسلتها الصين كمُساعدات إنسانية، وأن جوبا استخدمت تقارير الأمم المتحدة عن الكوارث والمجاعة كدعايةٍ مجّانية حصلت من خلالها على ملايين الدولار كمِنَحٍ ومُساعدات من مانحين دوليين كالاتحاد الأوروبي، وأضاف التقرير أنّ الاتحاد الأوروبي دفع ملايين الدولارت كمُساعدات لـ40 ألف معلم في أويل خلال العام 2017م.
ابتزازٌ إنسانيٌّ
واشار التقرير إلى استفادة الأطراف المُتحاربة من الوجود الإنساني من خلال ابتزاز مُباشر للمُنظمات الإنسانية والعاملين بها كفَرض رسومٍ تعسفيّة على الطرق والمطارات ورسوم الإقامة والعمل، وأضاف أنّ حكومة جوبا رفعت رسوم العمل للأجانب من 100 دولار إلى 10 آلاف دولار، ورفعت رسوم تسجيل المنظمات غير الحكومية  الدولية من 2000 دولار إلى 3500 دولار، واتّهم التقرير المُتمرِّدين بنهب عُمّال الإغاثة والمواد الإغاثية في المناطق التي يسيطرون عليها، فَضْلاً عن استخدام الطرفين المواد الإغاثية كمرتبات للجيش ووسيلة لشراء ولاء المُواطنين في المناطق التي يفرضون عليها سيطرتهم.
وقال الموقع: منذ اندلاع العُنف في العام 2013 تطوّرت الأزمة واتّخذت أنماطاً مألوفة بجنوب السودان وخلال هذه الأنماط المألوفة، لعب كل من المُتمرِّدين والمانحين الدوليين والحُكومة أدواراً مُكرّرة طيلة الأعوام الخمسة من عُمر النزاع، وأضاف: ما يحدث حقيقةً هو أن تفتح جبهة جديدة للنزاع عندما تشكّل مجموعة من القادة الساخطين في جنوب السودان تمرداً، وغالباً ما يكون هؤلاء الأفراد مسؤولين حكوميين سابقين مدفوعين بطموحاتهم الخاصة وليس مظالم مجتمعية أو رغبة حقيقية في الإصلاح كما يدّعون.
نهبٌ إغاثي
ولفت التقرير إلى أنه مع استمرار القتال وفُقدان الأرواح، قد تقدم الوكالات الإنسانية تقارير عن الأزمة من أجل زيادة الوعي وتشجيع الجهات المَانحة على تقديم الدعم المالي لجُهود الإغاثة، وفي النهاية قد يتدخّل الوسطاء لاقتراح اتّفاق لتقاسم السُّلطة على أمل إنهاء العُنف وفي حال نجاحهم يعود المُتمردون إلى الحكومة بقوة أكبر مما بدأوا به، وقد تبدأ هذه الدورة مرة أخرى مع نفس القادة أو مع قادة جُدد.
وقال التقرير إنّه عندما تحدث أزمة إنسانية في جنوب السودان، تُحاول مُنظّمات الإغاثة التّدخُّل من خلال توفير الغذاء والدواء والمأوى وهذا أمرٌ بالغ الأهمية، ولكن بدون الضمانات والتّخطيط الصحيحين، يُمكن بسهولة استغلال أمراء الحرب (وخاصّةً المُتمرِّدين) هذه المُبادرات،
بادئ ذي بدء، وغالباً ما تجد الجماعات المُتشدِّدة طرقاً للاستيلاء على الإمدادات الإنسانية التي يتم استخدامها بعد ذلك لدعم جُهُودهم الحربية، وقد يقومون بذلك عن طريق التّسلُّل إلى مراكز التوزيع وتعيين المُؤيِّدين لسرقة الطعام، وبدلاً من ذلك يُمكنهم ببساطة أخذ البضائع بالقوة.
وبعد وقتٍ قصيرٍ من اندلاع الحرب في عام 2013، على سبيل المثال، اتّهمت الأمم المتحدة كلاً من الجيش الوطني وقُوّات المُتمرِّدين بسرقة المُساعدات الغذائية والمركبات من المُنظّمات الإنسانية.
توظيفٌ سلبيٌّ
وقال التقرير إنّ حكومة جنوب السودان كانت بارعة في الاستفادة من تقارير الوكالات الإنسانية عن الأزمات، واستخدم مسؤولو الدولة أحياناً التغطية المُقلقة للكوارث لإثارة مخاوف من أنّ البلاد على وشك الانهيار، في مُحاولةٍ  لتوحد الشركاء الدوليين لتجنبها. ومن خلال الاعتماد على قصة اليأس هذه وهي حيلة تُوصف بأنّها “لعبة ورقة الدولة الهشّة” – ويُمكن للحكومة بسُهولة التلاعب بالجهات الفاعلة الأجنبية ومُناشدة المُؤسّسات المالية الدولية للحصول على أموال، ومن المُحتمل أن يتم نشر هذا التكتيك.
وأخيراً، يُمكن أن يكون الوجود الإنساني الكبير مُفيداً للأطراف المتحاربة بطرقٍ غير مباشرةٍ، فقد تساعد المعونة الغذائية في إبقاء أسعار السلع منخفضةً، بينما يُساعد الإنفاق الذي يقوم به العاملون في المُنظّمات غير الحكومية على رفد الخزينة بمزيدٍ من الأموال بالعملة الأجنبية.
استراتيجيات فاشلة
وأوضح التقرير: كانت استجابة المُجتمع الدولي للحرب في جنوب السُّودان غير فاعلةٍ في كثيرٍ من النواحي، وذلك أنّ النهج الدبلوماسي المُعتاد المُتمثل في مُحاولة إنهاء الحرب من خلال اقتراح اتفاقيات تقاسم السُّلطة مصيرها الفشل، إذ تكافئ هذه الاستراتيجية العُنف، وتتجاهل الأسباب الجذرية للصراع، وتُشجِّع النخب غير الراضية على ترك حَمل، وذلك أنّ الإجراءات الأخيرة للجنرال توماس سيريلو، الذي رَفَضَ التوقيع على اتفاقية السَّلام في سبتمبر 2018 والذي يُثير الآن المَزيـــد من الأزمات مع الحكومة، دليل آخر على قُصُور هذا النّهج.
وقال التقرير: يجب على الوسطاء إدراك نقاط الضعف في هذا النهج والاعتراف كَيف سَاهم في دورات العُنف المُستمرة. ومع ذلك وفي الوقت نفسه، يجب على الجهات الفاعلة الإنسانية مُواجهة دورها في هذا النظام المُعقّد ويَجب عليهم دراسة الطُرق الكَثيرة التي قَد يُوفِّر بها وجودهم الدعم للأطراف المُتحاربة ويُساعد على إطالة أمد الحَرب لإيجاد حُلولٍ ناجعةٍ تجعل مُساعداتهم تستهدف المدنيين بدلاً من تُجّار الحَرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق