الخميس، 28 مارس 2019

الاحتجاجات فى السودان.. خسائر وأعباء اضافية على اقتصاد الدولة

حسناً، المشكلة الحقيقية الصعبة التى تسببت فيها الاحداث الاخيرة فى السودان هي المصاعب الاقتصادية وأقرت الحكومة السودانية دون تردد بذلك، وعملت على معالجتها, وأعادت هيكلة آليات الحكم سواء على المستوى الاتحادي او الولايات و إتخذت بعض التدابير و فتحت الباب واسعاً للحوار والتفاوض مع كافة الفرقاء والاطراف دون أدنى شرط.
ولكن على الجانب الآخر حدثت خسائر اقتصادية ومادية ضخمة بسبب الاحداث، ففي بلد مثل السودان يعاني اقتصاده الأمرين، فان تعطل دلاوب الحياة الطبيعية واضطرار الحكومة –بهدف صيانة الامن القومي– لاتخاذ تدابير قاسية بعض الشيء يزيد من الاعباء الاقتصادية ونزيف الانفاق العام، وهي مشكلة يجب ان  ينتبه لها المعارضون اذ ان ما تتحمله الدولة السودانية فى الوقت الراهن ومنذ ديسمبر 2019 يفوق بلا شك طاقة احتمال الموازنة العامة للدولة:
أولاً، تسببت الاحتجاجات فى إنكماش وركود فى الاسواق بفعل مخاوف رواد السوق والعاملين فيه من وقوع تظاهرة هنا او هناك، وهذا بدوره تسبب فى بطء الحركة الاقتصادية وخسائر اقتصادية تؤثر فى الاداء الكلي للاقتصاد ويشير بعض الخبراء فى هذا الصدد الى ان الخسائر الاقتصادية فى في الثلاث اشهر هذه تفوق الـ(1 مليار) دولار على اقل تقدير، لانها تقلص حركة الانتاج وتثير مخاوف المنتجين من الكساد والركود.
ثانياً، تعطيل مؤسسات التعليم العالي والجامعات والمعاهد العليا أوقع خسائر على هذه المؤسسات بتجميد نشاطها الاكاديمي بما يصل الى أكثر من 3 مليار دولار، خاصة اذا عرفنا ان طلاب هذه المؤسسات على مستوى السودان يفوق الـ35 ألف طالب. كما ان هناك خسائر فى ما يخص الجهات المعاملة مع هذه الجامعات التى تقدم خدمات بعينها مثل المطابع والاحبار والاسوق العامة والشركات المتخصصة فى الاثاثات والشركات الامنية وغيرها.
ويقدر البعض خسائر توقف هذه الانشطة فقط لهذه الفترة ما لا يقل عن 750 مليون دلاور, هناك ايضاً خسائر في ما يخص الدولة نفسها حيث كان المقرر فى هذه الفترة ان يتخرج ما لا يقل عن 25 ألف طالب كان دخولهم وشيكاً الى سوق العمل او الانتظام فى مؤسسات الدولة.
ثالثاً، الصرف على القوات النظامية المختلفة (الشرطة، الامن، الجيش) فهي مكلفة بحراسة المنشآت العامة وتشديد الرقابة على المداخل ومتابعة تحركات بعض الذين من الممكن ان يستغلوا السانحة لأهداف اجرامية، و متابعة حركة الاحتجاجات حتى لا تقع حوادث عنف.
كل ذلك يستلزم استنفار وحالة تأهب استمرت منذ ديسمبر 2018 وحتى الآن وهي مصروفات لا تقل الكلفة اليومية لها فى حدها الأدنى عن 3 مليون دولار.
رابعاً، فقدان  السودان جراء الاحداث لثقة الاستثمار الاجنبي والمحلي، اذ ان الاستثمار كما هومعروف يتطلب استقراراً وهدوء عام بنسبة واضحة ومريحة، و قد أدت الاحتجاجات الى حالة خوف وتوجس من قبل المستثمرين وعلى الرغم من ان دولاب الحياة اليومية مستمر بطريقة عادية وهادئة، ولكن من المؤكد ان حركات القوات النظامية الظاهرة ووجودها فى المنشآت العامة والشوارع الرئيسية بسبب حالة الطوارئ يثير المخاوف لدى المستثمرين ولنا ان نتصور كم من حجم الاستثمار خسر السودانية جراء هذه الاحداث!
ان المشكلة ان قوى المعارضة السودانية ومن واقع حنقها على السلطة الحاكمة لا تبالي ولا تضع اعتباراً لخسائر الدولة وتعميق ازمتها. صحيح ان هناك مشكلة وهناك حاجة لحلول استراتيجية شرعت فيها الحكومة ورئيس وزرائها محمد طاهر أيلا، وصحيح ايضاً ان هذه الحلول تتطلب وقتاً ومثابرة ولا يمكن ان يحدث حل فى يوم أو يومين؛ ولكن بالمقابل فان المحافظة على وتيرة الامور عادية وسلسة ضروري حتى لا تتفاقم جراح السودان وتزداد خسائره بغير طائل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق