الأحد، 4 سبتمبر 2016

إعلام مصر.. هل يرعوي عن السفاه المبتذل؟

• نشرة الأهبار.. ههههههه
• السلاااام اليكم ورمة اللاي وبركاتو.. ههههههاي
• دبَّ هلافٍ بين مسر والسودان ,, ييي ولاااا (معها هزة رأس دائرية).. ههههههها..
• أهم الأنبا : دب هلافٍ كبييييييييييي.. ههههه.. بين مسر والسودان يا سلام الييييك... هههههههه..
• الأنباق بالتفاسيل: دب... خلاف... بين مسر والسودان..
• التفاسيل يا شيخ واللاي..
• نشرة الأهبار الجوية.. أول امبااااااره كااان هر.. وامبااااره كان هر..
ذلك خبث مما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي من فيديو كليب عليه شعار قناة اسمها (مصرية).. يستغرق متحدث بالغ الابتذال ليسخر في سفاه متبذلٍ من وطنٍ اسمه السودان، فيما يستغرق من حوله داخل الاستوديو في ضحكات فجةٍ فاجرةٍ لا يردعها أدبٌ، ولا تحدها قيم، ولا تحجِّم شططها مواثيق الشرف الإعلامية الرصينة،
ومثل ذلك كثير في إعلام مصر.. ممثل اسمه أحمد آدم يسخر من رئيس السودان.. توفيق عكاشة يمارس ترهاته الساذجة الفطيرة القميئة تجاه السودان.
والسوداني في إعلام مصر ومسلسلاتها وأفلامها هو ذلك الساذج البسيط حتى أقصى طاقة الهبل، وهو من يمكن خداعه دون ذكاء.. هو من يلحن في العربية شأن غير الناطقين بها بحيث تعجزه (الصاد) فينطقها (سينًا)، و (الحاء) و (الخاء) فينطق أيهما (هاءً). وهو الذي تتقاصر حتى طبقات صوته عن مماثلة المفردات وتبدو أقرب إلى الـ(سوبرانو).
يا لحزن العقاد وطه حسين والبارودي وأم كلثوم ونفرتيتي، ثم يا لحسرة هرم خوفو وهو يعلم أن أهرام مروي هي المعلم الأول في علوم تلك الشوامخ. وإعلام مصر لا يأنف أن يستغرق في إسفافه ليسخر من أمم لا يعصمها عن الرد الأبلغ والردع الفيصل سوى قيود الأدب.
غني عن القول أن ما بين مصر والسودان وما بينها وسائر العرب ما لا يسقطه التأريخ ولا يتجاوزه الحاضر ولا يغيب عن آفاق المستقبل، وما بين مصر والسودان لا يلخصه الجوار الجغرافي وحسب، بل إنه التأريخ المشترك، ونهرٌ هبةٌ من الله يمنح الحياة ويتغنى له شوقي:
من أي عهد في الورى تتدفق وبأي كفٍّ في المدائن تغدق
ومن السماء نزلت أم فجرت من أعلى الجنان جداولًا تترقرق
وفي البلدين يواصل المسؤولون السعي الحثيث لتجاوز كل الصعوبات حتى تستقر العلاقات تماهيًا مع المنطق السوي وتمضي قدمًا لتترسخ وتأتي أكلها خيرًا على الشعبين، فيما يمضي إعلام مصر في خباله كعب أخيلٍ يمضي بالأواصر الموضوعية القهقرى.
ويمعن إعلام مصر الفاجر في سماجاته متناسيًا مواقف السودان تجاه بلاده.. كتائب السودان خلال حرب عام 1967.. طائرات مصر التي وجدت في السودان الملاذ الآمن خلال حرب الأيام الستة.. كتائب السودان خلال حرب أكتوبر 1973.. زيارة عبدالناصر إلى السودان التي جعلته يعدل عن الاستقالة.. مؤتمر اللاءات الثلاث الذي صالح بين الزعيمين الملك فيصل وعبدالناصر.. موقف إعلام السودان الأبي خلال كل أزمة تعرضت لها مصر. وقبل كل ذلك ما أورده المؤرخون من أن الإمام المهدي وجه بأسر الجنرال تشارلز جورج غردون حيًا بعد اقتحام الأنصار للخرطوم وتحريرها في يناير عام 1885 ليفتدي به زعيم الثورة المصرية أحمد عرابي الذي كان منفيًا في جزيرة سرنديب منذ عام 1882، إلا أن ملابسات اقتحام القصر الجمهوري وربما مقاومة غردون أدت لاغتياله حيث ظل عرابي في منفاه لعشرين عامًا قبل أن يعود لمصر وقد ماله الكبر، ويعود زميله البارودي وقد هده المرض وأصابه العمى جراء التعذيب.. هل ترى تستذكر بذاءات الممثل وضحكات مَن بالاستوديو المبتذلة الفاجرة وسفاه أمثالهم كل ذلك؟
وإعلام السودان ليس بعاجزٍ عن لغة الردع ولا يعوزه قاموس السخرية لكنه يتسور بالأدب التزامًا بهدي الدين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات:11)، وتأسيًا بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بطعانٍ ولا لعانٍ ولا فاحشٍ ولا بذيء".
إعلام السودان تتكامل عنده الأدوات لكنه يحترم مصر وأهل مصر ويتأدب، لكن الأغرب هو صمت عقلاء وعلماء وسلطات ضبط الإعلام في مصر عن كل ذلك الغث، مع علمهم أنه يوغر صدور العامة وحتى الخاصة في السودان يومًا بعد يوم تجاه كل ما هو مصري، والفتنة كالنار لا تفرق بين الأوراق الجافة والطلع والثمر.. وربما لا أجافي الحقيقة إن قررت أن نظرة عامة السودانيين لمصر تزداد قتامة يومًا بعد يوم، وفي الظن أن الإمعان في هذا الإسفاف سوف يعقد كثيرًا من عمل العطار إن فعل الدهر فعله.. وبديهي أن الشحن يولد الانفجار على خطا من قال:
إن احتدام النار في جوف الثرى أمرٌ يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات يترك بعده سيل يليه تدفق الطوفان
واستباقًا لانفعال عجينة البركان وجينة الكبريت، فالمطلوب من عقلاء مصر وعلماء مصر وما أكثرهم، ومن سلطات الإعلام أن تحدث الجهلاء المبتذلين في تلك الدكاكين المسماة فضائيات بلسان حديد: أن انتهوا.. فإن لم ينتهوا فعليهم انتظار انفلات البركان من عقاله.. وعلى الباغي تدور الدوائر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق