الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

في عودة السيدين.. هل من جديد ؟

من فترة ليست بالقصيرة والبلاد تترقب عودة السيدين رئيس الحزب الاتحادي الأصل محمد عثمان الميرغني ورئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي،
فالاول غادر البلاد منذ قرابة الثلاثة اعوام، بينما مضى عامان على خروج الثاني من البلاد، وبينما اقتصرت رحلة الاول على التدواي والعلاج، اتسمت رحلة الثاني بنشاط سياسي كثيف في اوساط القوى المعارضة بشقيها المسلح والمدني، وبينما قضت الأخبار بعودة الميرغني عقب عيد الأضحى المبارك، رهن المهدي عودته بإفلاحه في اصطحاب ممثلو الحركات المسلحة معه للخرطوم . فما هو أثر عودة السيدين على مستوى الأوضاع السياسية في البلاد عامة، وعلى مستوى حزبيهما بوجه خاص؟ . خروج الميرغني كان في نهاية 2013 عقب اندلاع احتجاجات سبمتبر الشعبية، إثر قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات، وقد تم تفسير سفره آنذاك بأنها محاولة لتحاشي إبداء اي موقف تأييد او رفض للاحتجاجات، وذلك بانتظار ما ستسفر عنه من نتائج على ضوئها يعلن الميرغني عن موقف حزبه حيالها، بينما فسَّر حزبه سفره بالسعي لطلب العلاج، وقد تراوحت إقامة الميرغني بين القاهرة والعاصمة البيرطانية لندن التي استقر بها مطولاً، قبل أن يعود أدراجه الى القاهرة مؤخراً، واخذت الأنباء تترى عن قيادات حزبه بأنه من القاهرة سيقلع صوب المملكة السعودية، ومنها للخرطوم، وإنه سيشهد العيد في الخرطوم، إلا أن القيادي بالحزب أسامة حسونة قال في تصريحات صحافية حملتها صحف الأمس قدم تفاصيل اخرى عن عودة الميرغني ، أكد فيها زيارته للسعودية وأجَّل عودته للبلاد عقب عيد الاضحى، وأضاف حسونة أن القاهرة تشهد توافد قيادات الاتحادي الاصل والختمية لمقابلة الميرغني . كما نقل دعوة الاخير الى الوفاق وإنجاح الحوار الحوار الوطني باعتباره المخرج لأزمات البلاد. وعلى صعيد الأمة القومي يذكر أنه عندما أعلن الرئيس عن حوار الوثبة نهاية يناير 2014، رفضته قوى التجمع الوطني باستثناء حزب الأمة القومي الذي كانت دعوته للحوار هي الاساس في تعاطيه مع الحكومة، ولكنه انسلخ عن منصة الحوار لاحقاً إثر اعتقال رئيسه الصادق المهدي عقب تصريحات انتقد فيها قوات الدعم السريع، ليغادر المهدي الخرطوم الى القاهرة نهاية 2014 ، ومن ثم بدأت اتصالاته بالجبهة الثورية، التي وقع معها اتفاق إعلان باريس الذي رفضته الحكومة، وعادت لاحقاً لتوقيع ميثاق مشترك بينها وشركاء اعلان باريس بصورة غير مباشرة، إذ وقع ممثلون عن آلية الحوار الوطني على وثيقة قدمها أمبيكي، كما وقع عليها شركاء إعلان باريس، وتعثر مشروع التفاوض مجدداً على إثر تمسك الحكومة بالتفاوض عبر مساري دارفور بالدوحة والمنطقتين بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا، وكانت النقلة الكبرى في مشوار المعارضة هي الاعلإن عن تحالف نداء السودان بالخارج الذي يضم الثورية (الحركات المسلحة وحزب الامة القومي وتحالف قوى الإجماع الوطني بالداخل). وبشأن عودة المهدي تواترت التوقعات بأنه سيشهد عيد الفطر في الخرطوم، ولكن ذلك لم يحدث، وهاهو عيد الاضحى قد أقبل ولا تلوح اية إشارات لعودة المهدي، الذي علق عودته سابقاً بالفراغ من المهام التي هو بصددها، وذلك على المستوى الوطني، والمستوى الاسلامي من خلال عضويته بمنتدى الوسطية الدولي للاسلام، بالإضافة للمستوى الدولي من خلال عضويته في نادي مدريد، اما تصريحات قيادات حزبه فكانت ترهن عودته متى ما قررت مؤسسات الحزب ذلك، وفي حديث سابق مع(الإنتباهة) أخبرني رئيس المكتب السياسي للامة محمد المهدي حسن بأن المهدي سيعود عقب التوقيع على مخرجات المؤتمر التحضيري في الخارج، ولكن المهدي ومن خلال حواره بالزميلة (اليوم التالي) جزم بأن عودته رهينة بعودة ممثللي الحركة الشعبية لقطاع الشمال وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان، مضيفا ًبأنه يريد أن تترتب على عودته مشاركة لكل العناصر المتعاونة معه في نداء السودان ، وذلك بعد الاتفاق على وقف العدائيات وتوصيل الاغاثة، مشيراً الى امكانية تقريب وجهات النظر بين الحكومة وقطاع الشمال، مؤكداً أن للطرفين الرغبة في الوصول الى اتفاق . ورغم أن المهدي والحركات المسلحة امتنعوا سابقاً عن توقيع خارطة الطريق التي وقعتها الحكومة في مارس الماضي، إلا أنهم عادوا لتوقيعها الشهر الماضي، مما أشرع أبواب المفاوضات بين الحكومة والحركات، ولكن جولة المفاوضات لم تتقدم، مما دفع المهدي لطرح مبادرة على الآلية الافريقية لتقريب الشقة بين الطرفين . ولاستجلاء مدى تأثير عودة السيدين على الاوضاع الخاصة بحزبيهما والاوضاع السياسية في البلاد بوجه عام. (الإنتباهة) هاتفت المحلل السياسي المعروف بروفيسور الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية الذي قال إن خروج الميرغني يعود لامرين العلاج وتفادي أزمات البلاد المتعبة والتي لايُعرف لها حلاً فضلاً عن مشاكل حزبه، مشيراً الى انه عندما تم ذكر اسم الاتحادي الاصل في إحدى المناسبات علَّق قيادي اتحادي امضى ثلاثين عاماً في حزبه بالقول لايوجد شيء اسمه الاتحادي من فضلكم انسوا هذا الامر، واوضح زين العابدين ان تأثير الميرغني على الازمة التي يعاني منها حزبه يتوقف على ارادته في العمل على حلها حتي ولو كان في الخارج، وذلك بعقد مؤتمر عام للحزب الذي كانت آخر مؤتمراته العام في1967 ، ومن ثم تفعيل مؤسسات الحزب، والانفتاح على القوى السياسية الاخرى وعضوية حزبه في انحاء البلاد ليكون للحزب وجوده في الساحة السياسية لأنه غائب تماماً، وقارن بين مساعد نجل الميرغني محمد الحسن الذي لايكاد يعف له اثر في موقعه بالسفر وانه ظل في حالة سفر مثل والده، بينما تحمل الصحف اخبار نظيره عبد الرحمن المهدي من خلال موقعه في القصر، وفيما يلي دور الميرغني حيال البلاد ذهب زين العابدين الى أن الأمر ايضاً يتوقف على ارادته في أن يكون له دور في البلاد فهو له قواعد حزبه وطائفته، فضلاً عن أن علاقته بالحكومة جيدة معه، وهي لا تمنع الانشطة التي يقوم بها حزبه، بالاضافة للانفتاح على القوى السياسية المختلفة وتنظيم اللقاءات مع الحكومة والتواصل مع قواعد حزبه، ولو ماعنده هذه الرغبة ويريد فقط أن يكون رئيس الحزب الديمقراطي لن يكون له اي دور . وفي ما يتعلق بالمهدي وصفه زين العابدين بالنشط والفاعل سياسياً على المستوى السياسي الداخلي والخارجي ومتفرغ له، كما انه منفتح على القوى السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ولديه علاقة لابأس بها مع الحكومة فضلاً عن ان ابنه في القصر، وأصدر من القاهرة العديد من البيانات ونظم اجتماعات مع قيادات حزبه، وجمع الحركات المسلحة تحت لواء نداء السودان الذي اصبح رئيسه، واستناداً الى تلك المعطيات خلص زين العابدين الى أن عودة المهدي سيكون لها تأثير مضاعف على مستوى حزبه وعلى المستوى السياسي العام للبلاد، ويمكن أن تحدث عودته طفرة في الحوار، وضرب مثلاً بأن أول مرة تتاح للحكومة لقاء قوى نداء السودان مجتمعة يعود للجهود التي بزلها المهدي في هذا الصدد، وجعل تلك القوى ولاول مرة تقع على بيان انهم بصدد التحول للعمل السياسي عوضاً عن العمل العسكري، وهذه طفرة كبيرة جداً . يبدو أن عودة السيدين باتت وشيكة، فهي إما عودة لها ما بعدها من وجهين الحزبي الخاص والقومي العام للبلاد، بتكامل الجهود مع القوى السياسية الاخرى وبطبيعة الحال الحكومة ايضاً، او هي عودة لاتختلف عن الغياب، وفي هذه الحالة فإن الاوضاع السياسية ستظل راكدة او متحركة صورياً، كما أن المخاطر التي تهدد حزبيهما ستصبح أكثر تعقيداً مما هي عليه اليوم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق