الاثنين، 5 سبتمبر 2016

الاسباب الجوهرية لمعاناة السودان الاقتصادية!

لا شك ان السودان في راهنه الحالي يعاني معاناة اقتصادية واضحة سواء تمثل ذلك في تدني سعر الصرف السوداني مقابل الدولار، أو في إرتفاع اسعار السلع. ولا شك ان أكثر ما يدهشنا
كمراقبين ان العديد من الخبراء الاقتصاديين يوجهون ليس فقط انتقادات مطلقة للحكومة، ولكنهم يعطون حلولاً نظرية تستسهل الامر وتخل بمعطيات النظرة العلمية الجادة.
لسنا هنا بصدد المجادلة حلول الصعوبات التى تواجه الاقتصاد السوداني، بقدر ما نحن هنا لتبيان امور جوهرية خفيت وما تزال تخفى على الكثيرين على الرغم من وضوحها كالشمس فى رابعة النهار.
أولاً، ظل السودان ومنذ العام 1997 -أي قرابة العشرين عاماً- يواجه عقوبات احادية الجانب تفرضها الولايات المتحدة على هذا البلد وتقوم بتجديدها أوتوماتيكياً كل عام. لا احد -موضوعياً- يعرف حيثيات هذه العقوبات وأسبابها، ولا أحد بإمكانه معرفة ما قد تجنيه الادارة الامريكية من وراءها، فمن المفارقات المعروفة ان الشركات الامريكية نفسها عانت من وطأة هذه العقوبات وثبت أنها بحال من الأحوال ليست عقلانية ولا تصلح لكي تكون سياسة دولة محترمة.
ومن المفروغ منه ان هذه العقوبات تؤثر على قطاعات أساسية فى الدولة. قطاع النقل، قطاع الصناعة، الدواء، التجارة، حركة النقد الاجنبي، وتحويلات المصارف، عمليات الاستيراد والتصدير.
من المستحيل ان يستقيم اقتصاد أي بلد فى ظل عرقلة الدورة الاقتصادية الكاملة له؟ هذه النقطة على قدر كبير من الاهمية ويخطئ من يقلل من شأنها وليس ادل على ذلك ان هذه العقوبات اثرت على الدولة السودانية ومجمل حركتها الاقتصادية ولكنها لم تنتاش بسهامها قط جسم الحكومة السودانية، اذا كانت موجهة اصلاً الى الجسم السياسي الحاكم.
الولايات المتحدة تعمل على تخريب اقتصاد السودان وإعاقة نهضته، وربما لأغراض تتصل بالخطة الصهيونية لتقسيم هذا البلد الى 5 دويلات. وربما لاغراض إضعافه لصالح نظرية الامن الإسرائيلي ربما لاغراض تحجيم دور الاسلام كفكرة سياسية بدأت تملأ الفراغ عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
ربما لهذا او ذاك، المهم هناك قوى عظمى مؤثرة في العالم تطوق عنق الاقتصاد السوداني بسلاسل قاسية من الحديد. لا يوجد عاقل يلقي هذه العقوبات بعيداً ثم يعطي وصفة عملية لنهضة الاقتصاد السوداني.
ثانياً، تقاتل الحكومة السودانية منذ اكثر من 25 عاماً قوى مسلحة على عدة جبهات، تحاول ان تشل اطراف هذا البلد فى مسلك ليست فيه أية مراعاة للبنى التحتية ولا الأمن القومي ولا معاش الناس وخدماتهم.
الحكومة تحارب بمال -طبعاً وتكلفة مالية- ثم تحاول عمل تنمية وخدمات جراء ما تدمره الحركات المسلحة. بمال ايضاً وتكلفة مالية عليها ان تتدبرها بأي طريقة. ليس من الانصاف محاسبة نظام حكم عليه ان يدافع عن شعبه وأن يوفر له احتياجاته وأن يتحمل عقوبات دولية وان يدير الشأن اليومي المعتاد لمعاش الناس وحياتهم.
ثالثاً، الحركات المسلحة ترفض بتصميم وتعنت عجيب مجرد التفاوض، ويسايرها المجتمع الدولي في هذا الصدد ولا يتحمل إلا على الحكومة وحدها. الحركات المسلحة مع ضعفها وتشرذمها تجد من الدعم والقبول السياسي دولياً أكثر مما تجده الحكومة ولم يحدث ان تعنتت الحكومة في أي حل او تسوية، كما تفعل الحركات المسلحة وخارطة الطريق الاخيرة (مارس 2016) وقضية المساعدات الانسانية خير دليل.
إن الازمة الاقتصادية الجارية الآن هي نتيجة طبيعة لتضافر المجتمع الدولي ظلماً مع أعمال تخريب تقوم بها الحركات المسلحة، وهي نتيجة طبيعية لحرب لا هوادة فيها من جانب القوى الدولية ضد الشعب السوداني تحت غطاء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق