الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

إنجازات إستراتيجية للسودان لا تقدر بثمن!

المتأمل في المسار الاستراتيجي للدولة السودانية في نصف العقد الفائت فقط –قبل حوالي 5 اعام مضت، بإمكانه ان يلحظ حجم الانجازات الاستراتيجية ذات الطابع البنيوي التى حققه هذا البلد، بحيث نجح -بامتياز- في ان يضع أقدامه على عتبات النهضة الشاملة التى بات قريبا منها.
لقد حقق السودان في الأعوام الخمس الماضية فقط عدة انجازات من الصعب ان يتجاوزها أي باحث موضعي منصف. أولاً، على صعيد الحلول السياسية الاستراتيجية للمشاكل و التعقيدات السياسية، فان السودان أنجز (مشروع الحوار الوطنية 2014  - 2016) .
هذا المشروع السياسي الوطني الضخم لا يمكن الاستهانة به قط، فهو فتح الباب واسعاً لمختلف القوى السياسية و الاحزاب و القوى المسلحة و منظمات المجتمع المدينة لكي تدلو بدلوها في وضع الأسس اللازمة لبناء الدولة السودانية ، سواء على صعيد العناصر اللازمة لوضع دستور دائم، او عملية التداول السلمي للسلطة، او كيفية توزيع الموارد بعدالة، وهوية السودان نفسها التى يثور الجدل و التنازع بشأنها باستمرار.
مشروع الحوار الوطني قتل هذه القضايا الكلية بحثاً بحيث أصبحت المخرجات التى تم التوصل اليها بمثابة خارطة طريق واضحة ليست في حاجة لتفسير او توضيح. وهذا يعتبر انجازاً سياساً استراتيجياً كبيراً بالنسبة للدولة السودانية التى ظلت هذه القضايا الكلية المهمة موضوع تنازع و خلافات منذ نيل هذا البلد لاستقلاله عن بريطانيا في 1956.
لن يحتاج السودان بعد مشروع الحوار الوطني لنقاش جديدة حول هذه القضايا، ولن تخرج رؤى اي مجموعة مهما كانت مخالفة للأخر عن مجمل مخرجات الحوار الوطنى، فهو بهذه المثابة بات يشكل (الأساس) لبناء الدولة السودانية في المستقبل القريب و البعيد معاً.
ولهذا فان من سوء الفهم و التقدير التقليل من هذه الانجاز السوداني الكبير، دون تخصيص شخص او جهة بعينها ورد الفضل إليها. ثانياً، على صعيد المشكل الامني و التعقيدات الامنية و النزاع في اقليم دارفور فان السودان نجح في أعادة الأمن و الاستقرار إلى الاقليم و اكبر دليل مادي على ذلك، القناعة التى توصل اليها مجلس الامن الدولي بعودة الامن والاستقرار للاقليم و موافقة مجلس الامن على سحب قوات حفظ السلام – البعثة المشتركة – المعروفة اختصاراً بـ(يوناميد) والتى من المقرر ان تسحب قوتها -ديسمبر 2020- بحيث تصبح دارفور آمنة ومستقرة ولا حاجة لها لوجود قوات حفظ السلام .
هذا الانجاز الفخم لا تقف قيمته في سحب قوات حفظ السلام و انتهاء الصراع الذي عالجته الحكومة السودانية بحكمة و لكن تكمن قيمته حقيقة فى إبراز السودان لقدراته و إرادته السياسية في معالجة مشاكله و نزاعاته الداخلية، ففي نموذج دارفور فان الجهود الحكومية و الجهود الشعبية الوطنية هي التى قادت في خاتمة المطاف لمعالجة الازمة، وهي نقطة مهمة تعني ان السودان اذا ما تم دعمه و مساندته فانه قادر - لوحده- على حلحلة مشاكله الداخلية عبر حلول وطنية .
ثانياً، أنجز السودان ملف إنهاء الصراع الدامي في دولة جنوب السودان. وللمفارقة فان السودان حين ارتضى انفصال الجنوب كان يعاني من أزمات ومشاكل متفاقمة في دارفور و كان يعاني من مشاكل في حدوده مع دولة جنوب السودان، وكان يعاني من نظرة المجتمع الدولي الظالمة بأنه بؤرة لأنظمة حربية و صراعات و ارهاب! ولكي يثبت السودان عكس ما يتم إتهامه به فانه نجح في حلحلة مشاكله ثم تناول مشاكل جيرانه و نجح في إيجاد حلول لها.
الآن السودان قدم للمجتمع الدولي خدمة تاريخية استراتيجية لا تقدر بثمن بنجاحه في حلحلة مشاكل الدولة الجنوبية، بحيث يرتاح الاقليم و تقل الحروب الاهلية في المنطقة ولا تحتاج مفوضيات اللاجئين لأموال طائلة، ولا يتكبد المجتمع الدولي عناء ابتعاث قوات حفظ سلام بحيث يفخر الاتحاد الافريقي و تفخر دول الايقاد بأنهم قادرون على حل مشاكل الاقليم، ولهذا فان هذه واحدة من أهم انجازات السودان في الفترة القليلة الماضية، لهذا فان النظر إلى هذه الانجازات الاستراتيجية المؤثرة ينبغي ان يقود إلى دعم و مساندة هذا البلد الذي يبني ويعمر و يضع الأساس للمستقبل دون أن يلتفت لمن يعيقون مسيرته!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق