الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

أحمد بلال عثمان ... سر البقاء

اشتعل الصراع مجددًا داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل وعلت الـأصوات الرافضة لاعتماد أحمد بلال وزيرًا للداخلية الذي شكل أبرز المفاجآت التي تضمنتها التعديلات الوزارية في تشكيل حكومة رئيس الوزارء الجديد معتز موسى.
أحمد بلال عثمان ؛ أحد الأسماء التي ظلت تدور في فلك التشكيل الوزاري على مدى ثمانية عشر عامًا منذ ظهوره في عام 2001 في تشكيل ما عرف بحكومة البرنامج الوطني وقتها حيث تولى حقيبة وزارة الصحة وظل موجودًا حتى الآن على مدى (18) عامًا متنقلًا في المناصب الوزارية الخاصة بحصة الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل حيث شغل منصب وزير الصحة لأربع سنوات ثم مستشارًا لرئيس الجمهورية عشرة أعوام (2005وحتى 2015) وبعدها وزيرًا للإعلام من (2015) حتى تم اعفاؤه في حل الحكومة الأخير ليتم تعيينه وزيرًا للداخلية الذي قوبل بموجة من الرفض والاحتجاج من قبل قيادات حزبه على أساس مخالفة إعادة تعيينه للوائح الحزب، واعتبروا القرار تدخلًا من قبل المؤتمر الوطني في شؤون الحزب.
وقالت مصادر قيادية نافذة في الحزب لـ"الصيحة" إن غياب مؤسسات الحزب المنوط بها تسمية شاغلي المناصب الدستورية، أفسح المجال لصعود أحمد بلال مجددًا ، وكان مطلوبًا من أحمد بلال أن يرجع للمكتب السياسي لإضفاء الشرعية على قرار إعادة تعيينه كما هو منصوص عليه في دستور الحزب لكنه تجاوزه.
وأشارت ذات المصادر إلى أن علاقة بلال بالمؤتمر الوطني الذي يحظي بقبول كبير لديه، لعبت دورًا في مساعدته على تمرير أجندته رغم المقاومة التي وجدها، لكن أحمد بلال أصبح أـمرًا واقعًا ولن يتأثر لأن المؤتمر الوطني راغب فيه.
وقالت هذه ليست المرة الأولى التي يتولى فيها الاتحاديون منصب وزارة الداخلية، وسبق أن تقلد الأزهري ذات المنصب في أول حكومة أعقبه على عبدالرحمن في الديمقراطية الثانية، ثم سيد أحمد الحسين في الديمقراطية الثالثه، وهنا يبقى السؤال هل أحمد بلال مؤهل لتولي هذا المنصب الذي يحتاج لشخصية لديها حس أمني عالٍ وهذا حسب بعض عارفي بواطن الأمور بالحزب الاتحادي ، غير متوفر لدى أحمد بلال من ناحية تكوينه الذي ليس هو شخصية أمنية، ما يجعل نجاحه مرهونًا بالمسؤول الأول في الوزارة .
في السياق قال مقرر اللجنة المركزية للحزب الاتحادي، سيد أبو علي، لـ"الصيحة" إن إعادة تعيين أحمد بلال كانت أمرًا متوقعًا ولم يشكل لهم مفاجأة لهم لجهة أن المؤتمر الوطني راغب في استمراره في المنصب رغم مخالفة ذلك للوائح الحزب التى نصت على تشكيل لجنة بقرار من المكتب السياسي لاختيار الدستوريين،غير أن أحمد بلال لرغبته الجامحة في الاستمرار في المنصب بعد أن قضى فيه (18) سنة تجاوز مؤسسات الحزب بمساعدة المؤتمر الوطني وعين نفسه وهذا التعيين غير معتمد لدينا ونعتبره آخر إسفينٍ غرسه "الوطني" في نعش مشاركة الحزب. وأحمد بلال الآن يمثل نفسه وليس الحزب الذي انضم إليه عام (86) من اللجان الثورية وليس له تاريخ فيه ، ونتبرأ من إعادة تعيينه وزيرًا للداخلية الذي لم تتم مناقشته في أي مستوًى من مؤسسات الحزب، لا من قبل المكتب السياسي ولا اللجنة المركزية المنوط بها تشكيل لجنة لاختيار الدستوريين ونعتبر ذلك نسفًا للمبادرة ونتجه للاهتمام بالإعداد للمؤتمر العام ونضع حدًا لتجاوزاته .
قال الناطق الرسمي باسم مشروع الإِصلاح والتغيير، خالِد الفحل، لـ "الصيحة" إن المؤتمر الوطني تجاوز كل المعايير القانونية والأعراف المتبعة في مشاركة الأحزاب السياسية في الحكومة بتعيينه لأحمد بلال وزيرًا للداخلية وأنهم يعتبرون هذا التعيين جاء من باب فرض الوصاية على الحزب الاتحادي الديمقراطي المنتهية مؤسساته منذ عام (2005) بموجب آخر قرار صادر من مجلس الأحزاب ، وبذلك يكون قرار تعيين أحمد بلال عثمان مخالفًا لنص المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية الفقرة 4 ومخالفة لدستور الحزب الذي نص على أن تعيين شاغلى المناصب الدستورية من اختصاص رئيس الحزب بالتشاور مع الأمين العام مبينًا أن منصبي الرئيس والأمين العام خاليان بوفاة الأول واستقالة الثاني.
وأضاف الفحل هذا يجعل السؤال مشروعًا عمن الذي اعتمد قرار تسمية أحمد بلال ممثلًا للحزب في منصب وزير الداخلية ولم يصدر عن الحزب الاتحادي ؟ ما يعني أن المؤتمر الوطني أصدر قرار تعيين بلال وزيرًا للداخلية واعتمده وإن لم يكن كذلك على المؤتمر الوطني أن يبرز لنا الخطاب الصادر من الحزب بهذا القرار مطالبًا المؤتمر الوطني بالكف عن التدخل في الشأن الداخلي للحزب وفرض الوصاية عليه .
وأكد الفحل رفضهم لقرارات المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب بأن يبقى ممثلو الحزب في المناصب الدستورية دون تغيير لحين قيام المؤتمر العام ، وانتخاب قيادته ، وقال هذه المؤسسات محلولة وغير معتمدة بشهادة مجلس الأحزاب.
وأضاف" نحن نتمسك بشراكة الحزب في الحكومة واعتراضنا على إجراء إعادة تعيين أحمد بلال لمخالفته قرار مجلس الأحزاب بعدم شرعية المؤسسات القائمة الذي نتمسك به حتى إن أدى ذلك لغياب الحزب من المشاركة في الحكومة بدلًا من خرق قانون الدولة" .
وأشار الفحل إلى أنهم في حركة الإصلاح بالحزب، وجهوا خطابًا للمؤتمر الوطني شرحوا فيه عدم شرعية إعادة تعيين أحمد واعتراضهم عليها مؤكدًا في حال عدم استجابة الوطني لمطالبتهم بعزل أحمد بلال سيلجأون للطعن الدستوري أمام المحكمة ببطلان قرار تعيينه.
د. أحمد بلال من مواليد قرية (أم صيقعون) ريفي الغبشة بشمال كردفان، تلقى تعليمه الأولي بمدرسة الغبشة ثم أم روابة الوسطى وانتقل لكوستي الثانوية ومنها التحق بكلية الطب جامعة الخرطوم.
اختير مرشحًا للحزب في منطقة أم صيقعون ريفي تندلتي خلال الانتخابات البرلمانية عام 1986 ، حينها لم يكن له تاريخ في الحزب الاتحادي الذي انضم إليه من تنظيم اللجان الثورية عام (86) حيث أصبح عضوًا في الجمعية التاسيسية وهي أول عتبة لدخوله العمل السياسي المنظم، بعدها تم تعيينه في الجهاز التنفيذي وكان أول منصب وزاري تقلده وزير دولة بوزارة الصحة عام (86) وظل يشغله حتى تقدم باستقالته منه عام (89) قبل انقلاب الإنقاذ بشهر واحد متضامنًا مع الشريف زين العابدين الهندي.
وبعد مبادرة الشريف تولي حقيبة وزارة الصحة في حكومة البرنامج الوطني التي حلت باتفاقية نيفاشا ثم مستشارًا للرئيس خلال الفترة الانتقالية ثم وزيرًا للإعلام في التشكيل الوزاري (2015) وظل في هذا المنصب مع عدد من الشخصيات ما جعل الآخرين خارج الحزب يظنون أن الحزب عقيم وليس فيه غير هذه الأسماء.
أحمد بلال شخصية مثيرة للجدل طموحها بلا حدود، والرجل يمارس لعب دوره السياسي بحنكة وذكاء شديدين، فهو يلعب كل الأدوار في وقت واحد والمتابع له يجده يتحدث في كل شيء ويعلق على كل الأحداث ويجاهر بمواقفه المتسقة مع الحكومة وأجهزتها المختلفة ، تعرّض للمعارضة بهجوم شديد في أكثر من مناسبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق