الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

روشتة اقتصادية (عاجلة)

حمل تعيين الحكومة الجديدة، وأداء الوزراء المعينين مراسم القسم إيذاناً بتسلم مهامهم الدستورية رسمياً، الكثير من التفاؤلات المشروطة بالإصلاح، وتباينت آراء خبراء الاقتصاد والمختصين حول المطلوب من الوزراء الجدد في شأن ترقية الأداء الاقتصادي، وشكل التغييرات والسياسات التي تعتزم الحكومة الدفع بها لمعالجة الأزمة الاقتصادية، ووصفوا الخطوة بالمهمة لتحسين الوضع الاقتصادي، وطالبوا بمزيد من تقليل الإنفاق الاقتصادي ومحاربة كل أشكال الفساد وإحكام الرقابة لتزيد من فاعلية الجهاز التنفيذي.
فما هي آراء خبراء الاقتصاد وتوقعاتهم حول ذلك؟
سياسات جديدة
الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الله الرمادي، يقول لـ "الصيحة" أمس: لا يمكن لأحد أن يستطيع تقييم مدى فعالية السياسات الحكومية الجديدة قبل معرفة ماهية هذه السياسات، مبيناً أن الحكومة تقول إنها ساعية لتنفيذ إجراءات وسياسات جديدة، ولكن السؤال هو ما هي هذه السياسات، نحن نحتاج أن نعرفها أولاً ونعرف شكل السياسات المعنية، وكيفية تنفيذها، وبدون أن نعرفها لا نستطيع أن نقيم مدى قدرتها على حل المشكلة الاقتصادية.
وعن السياسات التي ينبغي اتباعها، قال الرمادي: أولاً التفكير خارج الصندوق في ملاحقة أسعار الدولار، وملاحقة معدلات التضخم المتصاعدة، وهذه كلها إفرازات لسياسات السنوات السابقة تسببت في رفع الإنفاق الجاري، ومن المهم خفض معدل التضخم وخفض أسعار الدولار، وينبغي أن تخصص سياسات تدعم الإنتاج وتدعم الخزينة، وأن يوقف استيراد السلع غير الأساسية والكثير من الكماليات وينبغي أن نوقف النزيف واتزان ميزان المدفوعات ووقف تهريب الذهب ووقف تهريب المنتجات المحلية والسلع الاستهلاكية التي تهرب للخارج، وقال إن كثيرًا من السلع التي كان من المفترض أن يجدها المواطن تهرب مما يسبب مشكلات داخلية، وطالب بالضرب بيد من حديد على مهربي السلع الاستهلاكية.
علاج أزمة
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان، أن تغيير الأفراد في طاقم الحكومة لا يعني بالضرورة نجاح الحكومة في علاج الأزمة الاقتصادية ووضع البلاد في المسار السليم، وأكد أن الحكومة الجديدة لها أولويات أساسية تتمثل في الاقتصاد.
يواصل دكتور الفاتح إفادته لـ "الصيحة" قائلاً: تكمن مشكلة البلاد أساساً في سوء الطريقة التي أديرت بها، ولذلك يحتاج العلاج لتغيير كبير في طريقة إدارة الدولة لتحقيق نجاح في أهم القضايا التي تهم المواطن مثل الصحة والتعليم والمواصلات العامة وغلاء الأسعار والبطالة"، أما على صعيد القضايا التي تهم المستثمر فهي الشفافية وسيادة القانون والتضخم المفرط وثبات قيمة العملة الوطنية وهي قضايا تعد حجر الأساس لأي تنمية، وهي تحتاج لإرادة وتخطيط جيد، مشيراً إلى أن التحدي الحقيقي أمام الحكومة الجديدة هو إلى أي مدى يمكن أن تنجح في تحقيق الأهداف المذكورة؟. وحذر من أي فشل يمكن أن يصيب جهود الإنقاذ في إصلاح الدولة في مقتل ولذلك كل الأنظار متجهة نحو حكومة رئيس الوزراء الجديد، وطموحات الناس كبيرة في نجاح معتز وفريقه الوزاري الجديد، ورأى أن "الرجل أهل لذلك". وقال إن هنالك معوقات تواجه الحكومة الجديدة من المهم التغلب عليها، وهي التمرد الداخلي وعدم وجود إجماع وطني على الاحتكام للدستور ومؤسسات الدولة، إضافة لقضايا خارجية مثل الانقسام العربي والإسلامي وقضية سد النهضة والمحكمة الجنائية الدولية، ودعا الحكومة للاجتهاد في تجاوز تلك القضايا أو تحييد أغلبها والإبحار بالبلاد نحو الأمان، لأن ذلك شرط للقدرة على جلب الدعم الخارجي وإدماج البلاد في الاقتصاد الدولي.
مسببات التغيير
واعتبر نائب رئيس القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني د. محمد المصطفى إلى أن التغيير الوزاري يصب في مصلحة الوطن والمواطن، مشيراً إلى أن من مسبباته الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم بأكمله، واستدل باليابان وأمريكا والسعودية، وقال: لا بد من ترتيب الأولويات للمرحلة المقبلة مع الشركاء مشيراً للثروات الكبيرة التي تزخر بها البلاد، وقال إن من أولويات حكومة الوفاق الوطني كيفية إدارة الأزمة الاقتصادية لآفاق أرحب، مشيراً لأهمية وجود لجنة لمتابعة ومراجعة الهياكل الولائية، وأضاف: لابد من تشريعات حديثة فاعلة للوصول إلى الأهداف المرجوة وأوضح أن من أولويات الحكومة إيقاف الحرب التي أرهقت الاقتصاد الوطني حتى تنعم البلاد بالأمن والأمان والرفاهية.
تشكيلات وزارية
ووصف المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي، التشكيلات الوزارية السابقة بالـ "نمطية" وقال إنها التي كانت تشكل على اعتبارات الترضية والمحاصصة، معتبراً أنها كانت إحدى أسباب تعثر العمل الوزاري وبطء عجلة التنمية أو تفويت فرص تنفيذ المشاريع في تواريخها وضياع الفرص وضياع الأموال وتعالي الشكاوى، لافتاً إلى أن برامج التنمية والمشاريع النهضوية لا ينبغي ربطها بالوزير إنما أن تكون برامج ومشاريع دولة بمعنى إذا استمر الوزير أو رحل لا تتأثر المشاريع والبرامج برحيل الحكومة أو رحيل الوزير، ولابد من الحلول السريعة والخطط قصيرة المدى والحلول غير التقليدية خاصة فيما يتعلق بالمجموعة الاقتصادية، وكذلك الاستغلال الأمثل لموارد الدولة المتاحة. يواصل د. هيثم في توقعاته قائلاً إن الوضع الاقتصادي بات ضمن الأولويات نظراً لما يعيشه المواطن الآن من تأثيرات ضيق المعيشة، والسودان ليست دولة فقيرة، وأنها متعددة الموارد والمجالات من زراعة لصناعة المواد الخام، وكذلك بها الغاز والنفط ما يؤهلها لمكانة كبيرة في المستقبل، إذا ما تم العمل على استغلال هذه الموارد بما يتماشى مع عمليات التنمية الحقيقية، وقال إن قطاعي الصحة والتعليم بحاجة إلى دعم وحلول عاجلة من قبل الحكومة الجديدة حتى تتمكن من النهوض سريعاً بالأوضاع.
خطوة جريئة
وقال الأمين السياسي لحزب العدالة عبد الرحمن سليمان، إن التغييرات تعد مهمة للخروج بالبلاد من الضائقة الاقتصادية، وقال إنها خطوة جريئة لتحسين الوضع الاقتصادي ومعاش الناس، وقال إن حزبه يطمح للوصول مع شركاء الهم الوطني الى حلول شاملة في ملف السلام يقود إلى التحول المنشود لمستقبل أفضل، وأضاف أن هذا الأمر يتطلب من الجميع السند والمساندة وأن تعمل الحكومة الجديدة بجد لبناء الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق