الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

ورطة المعارضة السودانية حيال قرارات الحكومة الأخيرة!

من المؤكد إن القوى السودانية المعارضة وجدت نفسها ألآن في ورطة. فان هي باركت و أبدت تأييدها للتدابير التقشفية الاستراتيجية التى أصدرها الرئيس البشير مؤخراً ولاقت استحساناً منقطع النظير لدى المواطنين وغالب الخبراء الاقتصاديين محلياً ودوليا ، فهي بهذا الموقف و بحسب اعتقادها، تبدد فرصها في ممارسة عملها السياسي المعارض بما يجعلها بديلاً منتظراً في الراهن او المستقبل.
و أن هي قللت من أهمية هذه التدابير واستخفت بها، بدت في نظر المواطنين السوداني تستخف بمصائر المواطنين وما يمكن ان يجلب لهم الرفاهية والعيش الكريم، و بذا تصبح عدوة لكل ما يفيد المواطن البسيط. وإن هي لزمت الصمت و بدت غير عابئة بما يجري فإنها بالتأكيد قد تكون خرجت عملياً من مضمار العمل السياسي كونها لا تهتم بشئون مواطنيها ولا تهتم بما يجري على الساحة وكل همها ان تعود يوماً إلى مقاعد السلطة بعد إزاحة خصومها.
وواقع الأمر ان هذه (الورطة) التى تواجه قوى المعارضة السودانية و لسخريات القدر هي ورطة من صنع المعارضة نفسها كونها معارضة لا تتحلى بالقدر الطبيعي العادي من المرونة و المواكبة و معايشة المتغيرات، ففي كل اللحظات التاريخية المفصلية التى ظل يمر بها السودان طوال العقود الماضية لم تبد المعارضة أي مرونة او حد أدنى من القدرة على مواكبة المتغيرات.
 فقد كانت اتفاقية السلام الشاملة 2005 متغيراً استراتيجياً ضخماً و كان لزاماً على أي قوى سياسية حقيقية ان تغتنم تلكم المتغيرات التاريخية لكي تستفيد منها لصالح المستقبل، ثم كانت انتخابات العام 2010 هي الأخرى متغيراً كبيرا و سانحة لم تستفد منها شيئاً. الأمر نفسه تكرر في انتخابات 2015 التى أكدت انفصال قوى المعارضة تماما عن المواطنين وهمومهم و مستقبل البلاد السياسي في التداول السلمي للسلطة .
ثم كان مشروع الحوار الوطنى أحد أبرز مشاريع الانتاج السياسي الضخمة ذات العادة الاستراتيجي ، ولكن قوى المعارضة نأت بنفسها عنه، و أهدرت كل المواد و الموارد المهمة التى وفرها المشروع الوطني الكبير، ولم تستفد من تلك المتغيرات أي شيء.
الآن وحين عانى السودان من ظروف اقتصادية صعبة لم تستفد قوى المعارضة من الضائقة لطرح رؤى موضوعية تجبر الحكومة على الاستجابة لها ولم تستطيع قوى المعارضة في الوقت نفسه تحريك الشارع ضد الحكومة والوفاقية لإسقاطها بانتفاضة شعبية، ولم تستطيع ان تقدم اية بدائل حتى (فاجأتها) الحكومة الوفاقية بالتدابير التقشفية التى إتخذتها.
هذا الواقع جعل قوى المعارضة السودانية خارج نطاق الفعل السياسي المثمر الذي يعود بالنفع على المواطنين، و ثبت أنها ابعد ما تكون عن التاريخ السياسي المؤثر، و لهذا ليس مهماً - للأسف الشديد- ما اذا كانت مؤيدة او معارضة لمثل هذه التدابير ، فهي على اية حال ظلت تثبت أنها ما تزال في مربع الماضي القديم مربع الانتفاضة الشعبية، و الحكومة الانتقالية، و الانتخابات الحرة النزيهة التى تأتيها في مائدة داخل دارها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق