الأحد، 3 أبريل 2016

زيارة البشير إلى دارفور.. اختراق استراتيجي هائل ومدوِّي!

في اللحظة التي وضع فيها الرئيس السوداني المشير البشير قدمه على أرض إقليم دارفور قبل يومين، فقد انتهت وإلى الأبد منذ تلك اللحظة أسطورة الدعاية السوداء التي ظلت تلف هذا الإقليم بغلالة سوداء قاتمة.
لقد وضع الرئيس البشير بهذه الزيارة حداً فاصلاً لشائعات الإبادة الجماعية والاغتصاب وتردي الأوضاع ومعسكرات النازحين إذ لم يسجل التاريخ أبداً لإقليم يعاني حرباً أو مأساة وتجري فيه زيارة لرئيس الدولة وبمعيته كل مسئولي الادارة الاهلية والحكومات المحلية للولايات والمعتمدين ورؤساء البعثات الدبلوماسية. وعلى ذلك فإن أهم نتائج هذه الزيارة يمكن رصدها في عدد من النقاط الاستراتيجية الكبيرة:
أولاً، ثبت للعالم والمجتمع الدولي والاقليم بأسره أن اقليم دارفور اقليم آمن، خال من النشاط المسلح، الحركات المسلحة ذابت وتلاشت لأنها لا تمثل سوى نفسها. الإقليم تجري فيه عمليات تنمية وقابل لتنفيذ المزيد من عمليات التنمية وترقية الخدمات، وهي نقطة على جانب كبير من الأهمية، لأن الميديا العالمية والى وقت قريب ما تزال تتصور اقليم دارفور اقليم مليء بالمآسي والمظالم والجرائم ولكن الصورة -والصورة وحدها- التى جسدت الزيارة قطعت لسان أي مدع أو زاعم أن دارفور بكل ذلك التهويل الإعلامي المأساوي البشع.
ثانياً، الزيارة أيضاً أثبتت وعلى نحو قاطع أن الحكومة السودانية المتّهمة في شخص الرئيس البشير وبعض كبار معاونيه بارتكاب جرائم في الاقليم، لم ترتكب تلك الجرائم المزعومة، إذ كيف لمن يرتكبون جرائم بالبشاعة التى صورها مدعي عام ما يسمى بمحكمة الجنايات الدولية وصورها الاعلام الدولي أن يمشوا بين الضحايا المفترضين؟ لقد رأى الجميع حميمية العلاقة بين الرئيس وكبار مرافقيه من المسئولين والوزراء و شعب دارفور وحشودهم الكبير لإستقباله. لم تكن هناك مظاهر تأمين غير عادية ولم يكن هناك إلتزاماً صارماً بالبروتوكول والمراسم للدرجة التي تناول فيها الرئيس وأفراد حكومته طعام غذاء في مسجد، بدعوة عادية من وجهاء المنطقة اختلط فيها الحابل بالنابل وجلس الرئيس وتعامل تعاملاً عادياً بين الناس!
لو كانت دارفور إقليماً عادياً مثل سائر أقاليم السودان لما تسنّى لرئيس حكومة وكبار مرافقيه وضيوفه الاجانب التحرك بذلك القدر من الحرية المتحللة من البروتوكول والتأمين، دعك من اقليم دارفور الموسوم بالاختلال الأمني والمرتبط في الذهن الجمعي الدولي بالحروب والمآسي! لقد ثبت أن الحكومة السودانية بريئة براءة واضحة من الاتهامات الموجهة لها إذ من المستحيل أن تجري زيارة كهذي لمن يزعم البعض إرتكابه جرائماً في حقه!
ثالثاً، الزيارة دشنت ديمقراطية سياسية وإدارية و تنموية كاملة الدسم لأهل دارفور فهي منحتهم حق اختيار الشكل الإداري إقليماً واحداً أو ولايات وهي عمليات الاستفتاء المرتقبة قريباً جداً وتحاشى الرئيس -بوضوح تام- جرّهم إلى خيار معين، قال لهم إن من حقهم وبحرية كاملة اختيار الشكل الاداري لإقليمهم عبر صناديق الاقتراع.
ومن جانب آخر فإن الرئيس خيّرهم ما بين اعادة تخطيط المعسكرات لتصبح أحياء ومدن بكافة خدماتها أو العودة إلى مدنهم قراهم القديمة وهي ديمقراطية خدمية لأهل دارفور ولساكني المعسكرات مطلق الحق في اختيار ما يناسبهم. الديمقراطية السياسية أيضاً تجلت في أن الرئيس اعطاهم حق العودة إلى الخيار الوطني تاركين ادعاءات ومزاعم الحركات المسلحة المرتبطة بدورها بقوة خارجية لا تريد خيراً للإقليم .
رابعاً، الزيارة شملت كل ولايات دارفور الخمس، أي الإقليم بأسره، وهذا يوضح ان الحرب في الاقليم وعلى نحو عملي قاطع قد انتهت إذ ربما قد يعتقد البعض أن دارفور عبارة عن بؤرة مشتعلة لا ترى فيها إلا كرات من النيران الملتهبة، وهذا الأمر ليس صحيحاً فالرئيس ومسئولين كبار طافوا بالاقليم كله وبمناطق الولايات الخمس، وفى كل ولاية كانوا يلقون استقبالاً حاراً، إذن أين هي الحرب؟ وأين هو العمل المسلح؟
وأخيراً فإن الزيارة والخطابات التى ألقاها الرئيس أعطت مؤشراً مهماً على عدم الحاجة إلى وجود قوات حفظ سلام في الاقليم، فالإقليم آمن تماماً، صحيح إن هناك سلاح في أيدي المواطنين وهناك مشاكل قبلية ولكن كل هذه أمور (أمنية) عادية مقدور عليها وقابلة للحل. ويا ترى ماذا ستقول الميديا الموجهة من الخارج بعد ما رأت حكومة الرئيس البشير تُقابَل بالأحضان في الاقليم السوداني المُستعَاد بجدارة من الأضابير الدولية المظلمة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق