الثلاثاء، 5 أبريل 2016

مذاق زيارة البشير الى دارفور في فم الحركات الدارفورية المسلحة!

مرارة الهزائم العسكرية الموجعة والمتتالية التي تلقتها الحركات الدارفورية المسلحة في الاشهر والأسابيع القليلة الماضية ربما تجد لها هذه الحركات بعض السلوى والمبررات حينما تمارس بعضاً من أسلوب الخداع النفسي، أو إنكار حقائق الواقع على أمل ان تحدث معجزة من المعجزات، أو أن تجد دعماً من قوة دولية تستعيد به بعض قواها الخائرة.
غير ان المرارة السياسية التي تزيد من مرارة الهزيمة العسكرية وتجعلها أمراً لا يطاق بالنسبة لهذه الحركات هي مدارة مشاهدة الحكومة السودانية بطاقمها المركزي والإقليمي والمحلي وعلى رأسها رئيس الدولة الرئيس البشير وهم يجولون في انحاء اقليم دارفور ولاية إثر ولاية، ومحلية إثر أخرى ومنطقة بعد منطقة والإعلام المحلي والدولي ينقل هذه الوقائع و يثبت ان الاقليم خال من الانشطة المسلحة!
هذه مرارة لا تضاهيها مرارة فهي تعني من جهة أولى، ان الحكومة السودانية التى ظلت القوى الدولية تنظر اليها وكأنها شيطان، هي حكومة موصولة بمواطنيها فى دارفور، قريبة منهم ومن قضاياهم، تدير شئونهم وتنشئ لهم مشروعات التنمية وتسيطر على الاوضاع وتلتحم معهم في كل همومهم.
هذا الوضع –وعلى نحو معاكس– يثبت انقطاع الصلة ما بين هذه الحركات المسلحة وما بين مواطني دارفور، فالحركات المسلحة بدا واضحاً أنها مجموعة غاضبة من الناس، لديها غبنها الخاص ولديها طموحاتها الخاصة وليس لها أي ارتباط بمصالح أهل دارفور. هذه الحقيقة –التي انكشفت بصورة غير مسبوقة هي الأكثر مرارة و شعوراً بالخيبة والهزيمة على الحركات الدارفورية المسلحة. هي في وادي ومواطني دارفور في وادي آخر تماماً!
ومن ناحية ثانية، فإن انسان الاقليم أدرك ان الحكومة السودانية - حتى ولو لم يكن راضٍ عنها من قبل- فهو الآن يتمتع بحمايتها، وموعود بخدماتها ومنحته كامل حقه فى اختيار النظام الاداري الذي يريده والذي على أساسه سوف يأخذ حقوقه الخدمية والتنموية بالصورة التى يريدها، وهذا يعني بالضرورة ان هذا الانسان الدارفوري من المستحيل ان يراهن على حركات مسلحة تنغص عليه أمنه وحياته وترتكز على دعم أجنبي. ذلك أن الخيار هنا ما بين التفاعل مع الواقع الوطني وترسيخ الأمن والاستقرار وما بين المراهنة على المجهول، من قبل حركات مسلحة تقاتل في دول الجوار (بالأجر) وتموت فى صحراء ليبيا وفي أحراش الجنوب خدمة لمصالحها الخاصة بغية الحصول على المال فإن الخيار محسوم و الاختيار واضح المعالم.
ومن جهة ثالثة فإن كل القوى الاقليمية و الدولية وبعض جماعات الضغط المعروفة لا يمكنها -بعد الآن- ان تؤمن أن بإمكانها تقديم أي دعم معنوي أو مادي لحركات مسلحة ومهزومة سياسياً على مستوى مواطني الاقليم. القوى الدولية و الاقليمية الداعمة لهذه الحركات لن تغامر بدعم حركات لا تملك أصولاً شعبية ثابتة ولا رصيداً جماهيرياً منقولاً ولا أمولاً سياسية سائلة، فقد أعلن افلاسها وخرجت تماماً من سوق دارفور و أصبحت (تتاجر) في أسواق الحرب الليبية و الجنوبية الجنوبية بعملة سياسية مختلفة وسعر صرف مختلف!
من جهة رابعة فإن الزخم السياسي للزيارة افقد عبد الواحد محمد نور بصفة خاصة سيطرته المزعومة وسطوته على معسكرات النازحين، إذ بات من المحتمل ان تتحول هذه المعسكرات -في غضون أشهر- إلى مدن وقرى بتخطيط عمراني وبخدمات مياه وكهرباء ومتاجر ومدارس ومستشفيات وتنتهي اكذوبة معسكرات العرض الاعلامي وفترينات المآسي التى مل المجتمع الدولي التحديق فيها، وهو يعلم انها أنها فترينات عرض سياسية مصطنعة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق