الخميس، 25 فبراير 2016

"تداعيات إنسانية"

مضت أشهر طويلة منذ آخر مرة كانت الحكومة تحتاج فيها للاستنصار بصديقتيها الصين وروسيا بشأن معضلة دارفورية في مجلس الأمن، لكنها في الأيام المقبلة ربما احتاجت لدعمهما بعدما أدرج المجلس الأممي الأحداث الأخيرة في جبل مرة على جدول نقاشاته المنتظرة، طبقا لما قالته أمس (الأربعاء) المنسق المقيم للأمم المتحدة مارتا رويداس، لكنها نفت علمها بالدولة أو الدول التي طلبت المناقشة والموعد المحدد لها.
ولم يشغل الحكومة شيء في حرب دارفور كما شغلتها وتشغلها تداعياتها الإنسانية المحمولة دوما في التقارير الأممية، بدءاً من عدد الضحايا الذين قدرتهم الأمم المتحدة وفقا لآخر إحصائية لها في العام 2008 بأكثر من 300 ألف، بينما تقول الحكومة إن الرقم لا يزيد عن 10 آلاف، وليس انتهاءً بحصيلة النازحين جراء المعارك الأخيرة في جبل مرة، الذين قدرتهم البعثة الأممية في حدود 100 ألف بينما تذهب تقديرات الحكومة إلى 23 ألفا.
أمس (الثلاثاء) قالت رويداس في مؤتمر صحفي بالخرطوم بعدما اختتمت زيارة إلى دارفور شملت مدينتي الفاشر وطويلة إن عدد النازحين في ولاية شمال دارفور ارتفع إلى 87 ألفا، بينما لم تحصل بعثتها بعد، ورغم تقدمها بـ 6 طلبات على تصريح من الحكومة، للوصول إلى ولاية وسط دارفور، للتحقق من أعداد نازحين محتملين، قالت إن هناك تقارير تفيد بتراوح عددهم ما بين 5 – 6 آلاف.
ويتجمع النازحون في ثلاث مناطق في ولاية شمال دارفور هي سرتوني بواقع 63 ألف نازح، ومنطقة طويلة بواقع 22 ألف نازح بجانب 2.018 في منطقة كبكابية، حسب ما أفادت المسؤولة الأممية، التي قالت: "أثناء وجودي في طويلة وصلت ثلاث شاحنات تحمل نازحين جددا.. النازحون يصلون يوميا ما يصعب توفير الاحتياجات لهم".
ولضمان إيصال المساعدات حثت المنسق المقيم طرفي النزاع على وقف العدائيات، لكن كما هي العادة فإن الدعوة إلى الطرفين معا، وبقدر متساو، ستثير حفيظة الحكومة التي انتقدت قبل أيام مساواة واشنطن للجيش بحركة عبد الواحد نور، رغم إقرار الخارجية الأمريكية في بيانها الذي علقت فيه على الأوضاع بجبل مرة، بأن الحركة كانت من بادر إلى الهجوم.

يشير بيان الخارجية الأمريكية الذي سارعت نظيرتها السودانية لشجبه إلى هوية الجهة التي تقدمت بطلب لمناقشة الأحداث في مجلس الأمن، وبالطبع تأمل الحكومة في مناصرة بكين وموسكو، اللتين عارضتا مساعي أمريكية لاستصدار قرار يدين الحكومة عندما طردت تباعا في ديسمبر 2014 المديرة القطرية للبرنامج الإنمائي الأممي إيفون هيلي والمنسق المقيم علي الزعتري بسبب خلافات حول قضايا إنسانية بالأساس، وبالطبع تأمل الحكومة في حماسة من صديقتيها، لا تقل أيضا عن تلك التي نجت بفضلها من مزاعم الاغتصاب الجماعي في تابت التي استمرت لأشهر بعد تداولها في نوفمبر  2014    .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق