الأحد، 28 فبراير 2016

مخرجات الحوار الوطني.. على سبيل التضامن والانفراد!

بإنقضاء أعمال لجان الحوار الوطني التي امتدت منذ العاشر من أكتوبر الماضي -أي لما يجاوز الأربعة أشهر- فإن مرحلة جديدة كلية يدخلها السودان. لن يكون السودان قبل بداية مشروع الحوار الوطني وبعد ظهور نتائجه والإعلان عنها على الملأ هو نفسه السودان، هناك العديد من المستجدات والمغيرات التي من الممكن أنها سوف تجد طريقها إلى هذا البلد.
أولاً، إتساع نطاق التفاهم بين كافة الفرقاء؛ إذ من العسير القول أن الجميع سوف يتصالح ويصبح صديقاً للآخر ولكن سوف يتسع نطاق الأخذ والرد وتعزيز صيغة التراضي الوطني، لأن المخرجات كلها تدعو إلى تأسيس دولة حديثة، دولة مواطنة وحقوق وواجبات ودولة قانون وفصل بين السلطات.
من الطبيعي أن مخرجات كهذه قمينة بأن تدفع بلغة التصالح والتفاهم وهي في واقع الأمر هي الطريقة المثلى لإبتدار ممارسة سياسية راشدة تخرج المعارضة الحادة من مضمار اللعبة تماماً.
ثانياً، تقريب الشقة بين الفرقاء السودانيين إلى حد كبير، لأن الكل ينتظر أن يرى المخرجات مترجمة على واقع الحال على الأرض ومن ثم هذا بدوره يؤدي إلى اهتمام الكل بمتابعة هذه المخرجات، لصالح المجموع ولصالح الممارسة السياسية العامة. في الماضي كان الجميع ينتظر أن يفسح له الآخرون المجال لوحده. الآن لا سبيل لإنفاذ المخرجات إلا بتقارب الجميع وتضمانهم. ومن الخطأ بمكان الاعتقاد أن طرفاً واحداً بعينه (المؤتمر الوطني) أو آلية 7+7 وحدها هي المسئولة عن تنفيذ المخرجات.
ثالثاً، تقليل التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، وهذه في واقع الأمر من الأمور المؤلمة التي ظل يعاني منها السودان، فلولا غياب الحوار وإصرار قوى المعارضة على الاستقواء بالخارج –جراء ضعفهم وقلة حيلتهم– ما كان يسيراً أن يجد الآخرون الفرصة للتدخل فى الشأن السوداني وفرض رؤى وقرارات ضارة بالبلاد ومستقبلها.
رابعاً، مخرجات الحوار -في حد ذاتها- وبغض النظر عن فحواها يمكن اعتبارها قراراً جماهيرياً أو فلنقل دستوراً صاغه الشعب السوداني بمختلف قطاعاته وأحزابه ومن ثم تنتهي والى الأبد مزاعم وادعاءات المطالب التاريخية التي ظل البعض يبني عليها حمله للسلاح وتمردهم.
بمعنى أدق فإن أحداً لن يكون من حقه بعد الآن أن يفرض على الناس ما لم يتقرر في الحوار الوطني. مضى زمن إدعاء التحدث باسم الآخرين فالذي كان يريد التحدث بإسم الآخرين كان عليه أن يأتي إلى قاعة الحوار ويحرص على تضمنين مطلبه في المخرجات.
خامساً، المخرجات أتاحت لواضعي الدستور والنظام السياسي والإداري للسودان مادة جيدة للاعتماد عليها فى صياغة الدستور والنظام السياسي والإداري ومن ثم وترتيباً على ذلك فإن هذا الأمر يحسم أي جدل متوقع لاحقاً عن وضع الدستور وهذه محمدة سياسية كبيرة توفر عناء ومشقة الاستفتاء على الدستور وعرضه على الشعب لإجازته، كما يوفر للجمعية الوطنية أو البرلمان الكثير من الوقت عند مناقشة الدستور فى مراحله المتعددة.
وهكذا إجمالا يمكن القول إن مخرجات الحوار هي ملك لكل الشعب السوداني وقواه السياسية ومنظماته المجتمعية، وملك لمن شاركوا ومن لم يشاركوا في الوقت نفسه. هي أيضاً محل إنفاذ واهتمام ورعاية الجميع بإعتبارها واحدة من اكبر وأهم المكتسبات الوطنية مما يجعل من مسئولية تنفيذها مسئولية فردية وتضامنية فى آن واحد، إذ ليس من العدل فى شيء وحال الفراغ من نشر هذه المخرجات مطالبة الطرف الحاكم -وحده- بتنفيذها، الكل مسئول من تنفيذها فردياً فيما يليه وتضامنياً فيما يلي الآخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق