الأربعاء، 24 فبراير 2016

لماذا ظلت واشنطن تلاحق شعب السودان بالعقوبات؟

ثبت جلياً الآن أن الاستهداف الاقتصادي من قبل الولايات المتحدة للسودان لم يكن موقفاً ظرفياً جرى في ظروف سابقة وفي ظل معطيات سياسية معقدة ظلت تعكر صفو العلاقات البلدين. ففي عقد التسعينات من القرن المنصرم كان بوسع المراقبين أن يجدوا قدراً من الحيثيات التي تدفع الدولة العظمى لمحاولة قصم ظهر دولة السودان الطامحة.
في ذلك الوقت لم تكن واشنطن على علم كاف بطبيعة النظام الحاكم في السودان، وكانت لديها مخاوفها وهواجسها الخاصة ولكن من المستحيل -عقلا ومنطقاً- انه وبعد مرور كل هذه السنوات (قرابة الـ28عاماً) تظل ذات الهواجس والمخاوف قائمة في الذهنية السياسية والأمنية الأمريكية حيال  نظام حكم تعاملت معه في ملفات مهمة عديدة؛ كان ذلك في ملف مكافحة الإرهاب، أو إتفاقية السلام الشامل التي أوقفت الحرب في الجنوب أو غيرها من عشرات الملفات التي تهم واشنطن.
بقاء هواجس واشنطن ومخاوفها تجاه السودان كل هذه المدة الزمنية الطويلة يؤكد أحد فرضين: إما أن واشنطن بكل أجهزتها وقواتها عجزت عن سبر غور السودان وهذا يقدح في أهليتها السياسية مباشرة ويطعن في قوتها المفترضة، وإما أن السودان على أية حال بدا أقوى مما تصورت واشنطن واستعصى عليها تماماً! وفي الحالتين وبقدر متساو، فإن النتيجة تقلل من القيمة السياسية للولايات المتحدة باعتبارها تحسب من ضمن الدول العظمى.
مؤدى هاتين الفرضيتين أن إصرار واشنطن على إبقاء عقوباتها الاقتصادية الأحادية الجانب وتلك التي استصدرت قرارات من مجلس الأمن بشأنها ضد السودان أن كل هذا السعي وبهذا القدر من الإصرار القصد منه إلحاق أقصى وأقسى الأضرار بشعب السودان كشعب وأمة وليس مجرد خلاف بينها وبين السلطة الحاكمة!
ولا شك أن اسطع دليل على ذلك، أن واشنطن حتى هذه اللحظة سعت لاستصدار قرار دولي جديد يحظر تصدير السودان لمعدن الذهب! والأكثر دلالة على هذا الاستهداف لشعب السودان حصرياً، انه وحين كان يجري تصدير النفط -قبل انفصال دولة الجنوب- لم تعارض ذلك واشنطن ولم تسع في ذلك الحين لأنها كانت (على ثقة) تامة أن الجنوب سوف ينفصل لا محالة وأن النفط سوف يؤول إليه وانه سوف يحتاج لموانئ السودان لتصدير نفطه!
أنظر هنا المفارقة، فهي واضحة إ انه وحالما نجح السودان في استحداث بدائل للنفط  -ومن بينها الذهب- حتى سارعت واشنطن لكي تحظر تصديره لكي لا يتحسن الاقتصاد السوداني قط!
إذن يمكن الجزم بأن واشنطن بمسلكها هذا المعادي وعلى نحو مباشر وواضح لشعب السودان، تلاحقه بالعقوبات وقرارات الحظر لأسباب غير معروفة، وتدعي دون حياء أنها تتبع القانون الدولي. وعلى ذلك فإن التساؤل هنا لن يكون عن متى تتحلى واشنطن بالوعي الأخلاقي والسياسي الكافي لكي ترفع هذه العقوبات على كاهل شعب السودان فهي فاعلة لا محالة في لحظة تاريخية فارقة وبلا مقابل، ولكن التساؤل الحقيقي الماثل الآن هو ماذا استفادت واشنطن من عقوباتها على السودان؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق