الثلاثاء، 23 فبراير 2016

المأزق العسكري الكبير لعبد الواحد محمد نور!

حين كنا نردد باستمرار في تحليلات سابقة قبل سنوات أن الحركات الدارفورية بتعنتها غير المبرر ورفضها غير المسئول للتفاوض وحل الأزمة في دارفور سلمياً سوف تؤدي بنفسها إلى مهالك قد تنتهي بها إلى التلاشي وتموت وفق التعبير العربي القديم (حتف ظلفها)؛ كانت تلك وما تزال قراءة مبسطة لأوضاع هذه الحركات على الأرض والمتغيرات السياسية المتلاحقة، والتي ترفض -هي- بسوء تقدير مؤسف أن تنتبه إليها ولو للحظة.
الآن حركة جبريل إبراهيم تلاشت، فبعد أن قصم ظهرها تماماً في معركة (قوز دنقو) في ابريل 2015 لم يعد لها وجود على الأرض للدرجة التي أهين فيها داخل الجبهة الثورية ومنع عن زعيمها تولي رئاسة الثورية الدورية ووقع انشقاق الثورية المدوّي جراء ذلك.
حركة مناوي هي الأخرى تمزقت ما بين عمليات الجنوب وخوضها الصراع الداخلي الدامي هنا والذي افقدها كامل لياقتها، ثم ولجت الساحة الليبية وانتهي بها الأمر بتلقي ضربات موجعة في الكفرة الليبية وغيرها من المدن الليبية، فإنتهى وجودها تماماً على الأرض ولم يعد لها سوى وجود (شكلي) ورمزي في ما كان يسمى بالثورية.
الآن ومنذ أيام تدور الدائرة على حركة عبد الواحد نور، فقد كان اعتقاد الرجل -بنظرة محدودة- أن استعصامه بجبل مرة، وإصراره على عدم التفاوض، موقفاً صائباً يجعله –بحسب تقديراته– إلى أن ينال (الكيكة) بكاملها في المستقبل القريب! عبد الواحد لم يحسب حساب لقواته التي ظلت ترتكز في سفوح جبل مرة بلا شغل ولا مشغلة، لا أمل في نصر عسكري، ولا أمل في تفاوض وحوار يمنحهم وينتشلهم من حالة السكون تلك.
لم يحسب حساباً للجند الذين يضيقون بالجلوس بوجبة أو وجبتين ، بملابس رثة، وجيوب فارغة، وسلاح يعلوه الصدأ! ولهذا بدأ هؤلاء الجند في ممارسة قطع الطرق والنهب ومحاولة الحصول على طعام ومال، و بعض مباهج الحياة، الأمر الذي ترتب عليه إخلال بأمن واستقرار المنطقة ومن ثم ضيق الأهالي ومن ثم اجتذاب القوات الحكومية.
سوء حظ عبد الواحد –من بين بقية الحركات الدارفورية المسلح– جعله يضع كل البيض في سلة جبل مرة! والقوات الحكومية -بمهارة معهود فيها- نجحت في توجيه ضربة مبدئية موجعة ثم إحكام الحصار على البقية الباقية بحيث أصحبت الحركة الآن أمام مصير واحد ليس بجانبه أدنى احتمالية لنصر!
من المستحيل –وفق المعطيات العسكرية الماثلة حالياً هناك– أن تنجح قوات عبد الواحد في الإفلات، دعك من أن تحقق نصراً ولو في معركة عابرة! ولهذا فإن الحركات الدارفورية الثلاثة وكما قلنا مراراً وتكراراً أوصلت أوضاعها بنفسها إلى هذه النهايات، فلا هي استفادت من سوانح التفاوض والحوار وحققت أهدافها عبر السياسة في وقت مبكر قبل أن تصل بها الأمور إلى هذا الدرك السحق؛ ولا هي الآن قادرة على المحافظة -فقط المحافظة- على بقاءها ولو لشهرين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق