الخميس، 25 فبراير 2016

قوى المعارضة السودان والبكاء بين يديّ ليمان!

أصيبت قوى المعارضة السودانية بإحباط جراء النصح الذي أسداه لها المبعوث الأمريكي السابق (برنستون ليمان) بالتخلي عن محاولة إسقاط النظام والاعتماد على التفاوض والحوار!
أكثر ما ضاعف من ألم قوى المعارضة حيال نصيحة ليمان أن الرجل بذل النصيحة هذه (من داخل قاعة الحوار الوطني)! وهو الموضع الذي عافته قوى المعارضة واستهانت به واعتبرته محض أنس سياسي.
كما أن ليمان (خرج بهذه النصيحة) بعدما حضر النقاش والحوار وكيفية إدارة الجلسات ومستوى الحريات ومقدار الحقوق المكفولة. بما يعني أن الرجل و(بالمعايير الأمريكية) على الأقل رأى أن عملية الحوار عملية ديمقراطية كافية للوصول إلى حلول جذرية للأزمة وطالما هي كذلك  فما الداعي إذن للقوى المعارضة للسعي لإسقاط نظام يجري حواراً بهذه القدر من الشفافية!
وإذا جاز لنا التمعن في ثنايا هذا الموقف الذي سبب حرجاً بالغاً للقوى السودانية المعارضة، فإن ما قاله ليمان لا تكمن أهميته بطبيعة الحال كونه صادر بلسان أمريكي مبين، فالرجل في هذه الأثناء لا يمكن اعتباره ضمن منظومة صناعة القرار في واشنطن، ولكن تكمن أهميته مقاله في عدد من النقاط الجوهرية الهامة:
أولها، أن الرجل أعطى شهادة بغض النظر عن وزنها السياسي أو أهميتها قطعت ألسن القوى المعارضة وأخرست حجتها الواهية بأن الحوار محض مؤانسة سياسية.
من واقع شهادة ليمان فإن من الصعب على كل حزب معارض رفض الحوار أن يحاجج بأن الحوار كان بلا قيمة ولم يكن حراً وحقيقياً. على الأقل ليمان نزع هذه الحج من القوى المعارضة.
ثانيها، وهذا مربط الفرس، فإن القوى المعارضة بأكملها -ولسوء حظها- ظلت وباستمرار تضع كل بيضها في السلة الأمريكية ولهذا فحين تأتي (شهادة أمريكية) معاكسة لهوى القوى المعارضة فإن المأزق هنا مزدوج، مأزق (النيران الصدقة) ممثلة في شهادة طرف أمريكي؛ ومأزق كيفية معالجة الموقف بناء على ذلك!
ثالثها، غض النظر عن موقف الإدارة الأمريكية وفهمها وتصوراتها لعملية الحوار فإن من العسير على واشنطن -بعد الآن- أن تتجاهل أو تقلل من قيمة عملية الحوار، وهو ما سوف ينعكس ايجاباً لصالح العملية السلمية الشاملة في السودان ويتسبب بخسارة تاريخية فادحة لقوى المعارضة التي رفضت الحوار.
أما فيما يلي القوى المعارضة فإن ما يضحك بشأن موقفها أكثر مما يبكي. فقد غضبت لشهادة ليمان ونصيحته وكأنها كانت (على وشك) الانقضاض على النظام وإسقاطه بالضربة القاضية! قوى المعارضة ظلت ولأكثر من 27 عاماً تتوعد الحكومة بالإسقاط ولم تفعل! أليس مضحكاً أن تغضب لمجرد أن ليمان طلب منها ألا تفعل؟ هل من المنطقي أن يغضب شخص إذا طلب منه ترك شيء لا يستطيع أن يفعله؟
أما المبكي، فهو أن قوى المعارضة اعتبرت أن حديث ليمان ليس مقصوداً به الحوار الحالي، وإنما الحوار القادم الذي يسبقه ملتقى تحضيري! ولا شك أن هذا التأويل محاولة جديدة للتغطية على فداحة الموقف ولكنه تأويل لا يستطيع منع الدموع من الانهمار!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق