الأحد، 25 مارس 2018

العلاقات السودانية الروسية شراكة إستراتيجية من أجل التنمية

علاقة السودان مع روسيا تأخذ طابعها الاستراتيجي في عالم تتحكم فيه اليوم لغة المصالح ، وفي ظل متغيرات عالمية وإقليمية عديدة، وحاجة السودان لحليف قوي يعتمد عليه لمواجهة الإشتراطات والإملاءات والضغوط من بعض الأطراف الدولية،حيث تسعى الحكومة السودانية لمد جسور التواصل مع دولة روسيا الاتحادية في مجالات التعدين والتنقيب عن الذهب، فضلاً عن المجالات العسكرية والسياسية، ويتطلع السودان ومع العُهدة الرئاسية الجديدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين،الذي فاز بنسبة 76.69% في الإنتخابات الرئاسية التي جرت الأحد الماضي، وأعلنت نتائجها النهائية «أمس» الجمعة، للوصول للعلاقة بين البلدين إلى شراكة إستراتيجية تضمن للسودان الاستفادة من موارده الحيوية التي يتمتع بها.
جدولة ديون وزيادة الإستثمارات
بشريات الفترة الرئاسية الجديدة لبوتين، هي موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على جدولة ديون بلاده على السودان، واكد مواصلة الدعم وزيادة الإستثمارات في السودان في مجالات الطاقة والنفط والغاز وتعدين الذهب، وجدد بوتين خلال إتصال هاتفي مع رئيس الجمهورية المشير عمر حسن البشير «الخميس»، حرص بلاده على تمكين السودان من الاستفادة من هذه الموارد الحيوية، وبحث الرئيسان خلال المهاتفة وسائل تطوير العلاقات بين البلدين للمستوى الإستراتيجي، وعبر الرئيس الروسي عن تقديره للقيادة السودانية وحرصها على توظيف قدرات البلاد لتنمية ورفاهية الشعب السوداني.
وبالحديث عن الديون الروسية المستحقة علي السودان، فقد استطاع السودان، وخلال إجتماعات اللجنة الوزارية السودانية الروسية المشتركة التي عقدت بموسكو في مطلع العام2015، التوصل لإتفاق مع الجانب الروسي وافقت بموجبه روسيا على شطب «17» مليون دولار من إجمالي ديونها المستحقة على السودان، وكشف الدكتور عادل عبدالعزيز الخبير الاقتصادي في إتصال هاتفي «أمس» مع الصحافة ، أن هذه الديون أستخدمت في أوقات سابقة في إنشاء مصنع تعليب كريمة بالولاية الشمالية ، ومصنع الكرتون بأروما بولاية كسلا بشرق السودان، ومصنع تجفيف الألبان بمدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان.
زيارة مرتقبة لبوتين
من جهته هنأ الرئيس البشير، نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على فوزه في الإنتخابات الرئاسية وتجديد ثقة الشعب الروسي في قيادته، وشكره على رغبتهم الصادقة في مساعدة السودان اقتصادياً وبناء شراكة إستراتيجية من أجل التنمية، وقدم الرئيس البشير الدعوة للرئيس الروسي لزيارة السودان لبحث تعزيز وتطوير العلاقات وبناء شراكة استراتيجية وقد قبل بوتين الدعوة.
و كان الرئيس البشير قد أنهى في نوفمبر الماضي زيارة إلى روسيا تلبية لدعوة من نظيره الروسي، في زيارة هي الأولى للبشير إلى روسيا، حيث وقع هناك عدداً من الإتفاقيات في مجال النفط والغاز والطاقة والتعدين، فضلا عن التوقيع علي بروتوكولات تعاون بين البلدين في مجالات الطاقة النووية والتنقيب عن الثروات الطبيعية والزراعة والتعليم، والإعفاءات المتبادلة من التأشيرات للجوازات الدبلوماسية، وعقود التعدين في مجال الذهب مع شركتين روسيتين.
كما تناولت المباحثات القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومجالات التعاون وسبل تطويرها، والجدير بالذكر أن السودان قد وقع في وقت سابق من هذا الشهر خريطة طريق مع روسيا لبناء محطات كهرباء تعمل بالطاقة النووية خلال زيارة وزير الكهرباء لموسكو.
شريك أفريقي مهم
وشهدت الزيارة ذاتها محادثات مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، والذي قال إن بلاده تعتبر السودان شريكاً مهماً لها في القارة الأفريقية، مبيناً أن دليل عمق العلاقات بينهما يظهر في الاتفاقيات التي وقعها الجانبان يوم الجمعة، مؤكداً أن بلاده تسعى لتعزيز العلاقة مع السودان، واوضح أن بلاده تعتبر السودان شريكاً مهماً وأن العلاقة معه تقوم على الثقة المتبادلة، وعبّر عن شكره للبشير على زيارة روسيا، وقال إنهم فخورون بتطور العلاقات السودانية المبنية على الثقة المتبادلة والتي تجاوزت الـ 60 عاماً، مشيداً بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وُقعت بين البلدين.
من جهته امتدح رئيس الجمهورية، مواقف روسيا الداعمة للسودان. حيث قدم شكره للقيادة الروسية على حفاوة الاستقبال، مبيناً أن هذه الزيارة وقفت على حسن العلاقات المتطورة والتنسيق بين قيادتي البلدين، ومتابعة أعمال اللجان الحكومية بين الطرفين، وأعرب البشير عن أمله في الارتقاء بها إلى علاقات استراتيجية تعزيزاً لأواصر التواصل بين شعبي البلدين، ممتدحاً الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الجانبين.
وبالعودة للمهاتفة بين الرئيسين «الجمعة» فقد أفاد وزير الدولة برئاسة الجمهورية حاتم حسن بخيت مدير مكتب رئيس الجمهورية، أن الرئيس وجه جهات الاختصاص بالترتيب الجيد لزيارة الرئيس الروسي للبلاد وإعداد مشاريع الاستثمار المشترك وفق رؤية لبناء علاقة استراتيجية مع روسيا.
تعاون عسكري
هذا البعد الإستراتيجي للعلاقة بين السودان وروسيا لم يقتصر علي الجوانب الاقتصادية والسياسية فقط وإنما إشتمل علي الإتفاق علي التعاون في المجال العسكري أيضاً، وهو ما أعلنه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال مخاطبته وحدات القوات المسلحة المتمركزة بمدينة بورتسودان، حيث كشف عن إتفاق مشترك بين السودان وروسيا لتطوير القوات المسلحة السودانية لتكون قوة رادعة لكل من يحاول المساس بسيادة السودان، وزيادة إستعداد الجيش للتعامل مع أي تهديد، وهو ما يقوي من جاهزية القوات المسلحة لحماية ساحل البحر الأحمر وحماية الأمن واستقرار السودان، وإستعدادها لصد كل من يحاول النيل من البلاد.
علاقات إستراتيجية
وشهدت نهاية العام السابق إجتماعات اللجنة الوزارية بين البلدين في الخرطوم ،حيث جدد الجانب السوداني ،حرصه على تعزيز العلاقات مع روسيا ودفعها في كافة المجالات،ووصف الرئيس البشيرالذي إلتقي بالوفد الروسي المشارك في الإجتماعات، علاقات البلدين بأنها إستراتيجية، ووجه بتسهيل كافة الإجراءات لإنفاذ الاتفاقيات، فيما قال وزير المعادن، هاشم علي سالم، رئيس الجانب السوداني في اللجنة في تصريحات صحفية إن هناك رغبة كبيرة من رئيسي البلدين على تنفيذ كافة الاتفاقيات التي وُقعت مطلع العام المقبل، مضيفاً بأن الدورة التي عقدت، شهدت مشاركة كل وزراء القطاع الاقتصادي،لافتاً إلى توصل الجانبين لتفاهمات حول تنفيذ تلك الاتفاقيات.
من جهته قال وزير الموارد الطبيعية والبيئية، سيرجي دينسكوي، رئيس الجانب الروسي،إنه تم إطلاع رئيس الجمهورية على نتائج اجتماعات اللجنة التي توجت بتوقيع العديد من الاتفاقيات التي من شأنها دفع وتعزيز علاقات البلدين، وأضاف أن الاجتماعات تجيء في أعقاب اللقاء الذي عقد في سوتشي بين الرئيس عمر البشير، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، مشيراً إلى مناقشتهم للتعاون الاقتصادي والفني، مؤكداً أن اجتماعات اللجنة الوزارية أرست لبنة وفتحت آفاقاً واسعة في كثير من مجالات التعاون المشترك، لافتاً إلى الدعم الكبير الذي تجده اللجنة من الرئيسين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق