الأحد، 25 مارس 2018

موسكو والخرطوم .. مياه دافئة ومستقبل واعد!

في اتصال هاتفي مطول وحاشد بالقضايا الدولية والقضايا المشتركة بين البلدين وضع الرئيسان، بوتين والبشير، حجر الزاوية في العلاقات المشتركة المتنامية بإيجابية بين البلدين. الرئيس البشير كان قد هاتف نظيره الروسي مهنئاً بفوزه برئاسة جديدة و استطالت المحادثة الهاتفية و اتسع نطاقها لتناقش مجمل القضايا الهامة المشتركة بين البلدين ومن المهم هنا ونحن نمعن النظر في ثنايا هذه العلاقات ان نلمس بعضاً من المؤشرات الاستراتيجية لطبيعة هذه العلاقة وآفاق المستقبل القريب والبعيد.
أولاً، من المؤشرات الايجابية ان روسيا ظلت طوال عقود مضت قريبة للغاية من قضايا السودان سواء فيما يخص قضاياه الدولية المرتبطة بمجلس الأمن الدولي، خاصة ما يعرف بمحكمة الجنايات الدولية. وروسيا أبدت موقفاً ايجابياً و موضوعياً في هذا الصدد واقتربت الى حد كبير من رؤية السودان. او فيما يخص قضايا الاستثمار والاقتصاد، حيث تبدي موسكو اهتماماً ملحوظاً بالاستثمار في السودان، خاصة في مجال المعادن وعلى ذلك فان روسيا من الممكن ان تأخذ مكاناً مهماً للغاية في المجال الاقتصادي بالسودان  في شتى المجالات؛ فهي شأنها شأن الصين لا تربط العلاقات الدولية بايدولوجيا او مطلوبات او تعقيدات سياسية.
ثانياً، الزيارة الأخيرة التى قام بها الرئيس البشير إلى روسيا أواخر العام الماضي و العروض الاستراتيجية التى قدمها للقيادة الروسية جعلت موسكو تقترب من (المياه الدافئة) السودانية، فالقوة العظمى الصاعدة التى ما تزال تحتل مكاناً لا بأس به في رقعة الشطرنج الدولية يسعدها ان تكون حاضرة في هذه المنطقة المهمة من العالم .
الرئيس البشير حين قدم عروضه تلك كان يعلم ان بلاده بحاجة إلى قدر من الاداء الجيد في الملعب الدولي. أداء بإمكانه ان يحقق هدف استراتيجي دون خسران أي طرف دولي، خاصة و ان السودان عانى الأمرين طوال الحقبة الماضية من ظلم الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
ثالثاً، أبدى الرئيس بوتين رغبته الصادقة في زيارة السودان في المرحلة القريبة المقبلة و رحب الرئيس البشير -وهذا كله جرى في المحادثة الهاتفية- بهذه الزيارة المترقبة، الأمر الذي من شأنه ان يعطي السودان زخماً اقليمياً و دولياً مؤثراً في هذا الصدد.
رابعاً، استوعبت بعض القوى الدولية العظمى - ومنها روسيا ان السودان يبحث عن وسيلة مشرفة لتبادل المنافع مع هذه القوى بما يعود بالفائدة على الجميع، فهذا البلد الغني بموارده المتطلع نحو النهضة؛ الباحث عن حلول مستدامة لمشاكله يمتلك إرادة سياسية جيدة للتعاون المثمرة والبناء مع الجميع . ومن المنطقي والموضوعي ان تقترب القوى الدولية من هذا البلد و تتبادل معه المنافع بدلاً من ملاحقته وظلمه ومحاولة احتواه. روسيا بهذه الخلفية الجيدة من الممكن ان تفتح آفاقاً هائلة في سماء علاقات البلدين تماما كما فعلت الصين في تسعينات القرن الماضي و مطلع الألفية الثالثة.
إجمالاً يمكن القول ان العلاقات السودانية الروسية المتصاعدة بايجابية هي في واقع الأمر بدأت تصبح وقعاً دولياً من المنتظر ان يحدث تأثيراً إقليمياً ودولياً على المديين القريب و العبيد، اذ أن كل محور قضية السودان ان يجد شريكاً دولياً نظيف اليدين وحسن النوايا، شديد الاهتمام بالتعاون الحقيقي المشترك لصالح المصالح المتبادلة، وروسيا أثبتت من خلال تعاملها مع دول العالم ودول الإقليم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط إنها قادرة على لعب هذا الدور، وقادرة على إعادة التوازن الاستراتيجي للمعادلة الدولية بعد ان كادت واشنطن ان تنفرد بأحادية دولية شديدة الإضرار للواقع الدولي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق