الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

انتفاضة داخلية فى تحالف المعارضة السودانية!

يوم الاربعاء، العاشر من سبتمبر وفى دار حزب المؤتمر السوداني إلتأم شمل قوى المعارضة السودانية فى تحالفها المعروف بقوى الاجماع الوطني. المناسبة التى يبدو ان الذين أعدوا لها كانوا يطمحون ان تحدث دوياً هائلاً كانت مناسبة سياسية خاصة بالتحالف، فذكرى سبتمبر عزيزة عليه حين وقعت احتجاجات شعبية محدودة العام الفائت 2013 فى ذات هذا الشهر وأعطت قوى التحالف حينها (أملاً) فى قطف برتقالة السلطة، بعد ان تطاول أمدها واستحال الوصول اليها!
قوى التحالف وهي تستبشر بهذه المناسبة، تنادت فى ذلكم التاريخ لكي تخرج هي الاخرى بإعلان جديد يتفوق على اعلان باريس واعلان أديس! وفيما يبدو كان قادة التحالف يتوسمون خيراً فى أنفسهم وقدراتهم، ولهذا عزموا على تسمية الاعلان باعلان سبتمبر! ولكن كانت المفاجأة ان التحالف وجد نفسه يواجه (عاصفة) داخل التحالف نفسه جعلت قادة التحالف يتساءلون فى صمت معبر عما إذا كانت سهامهم الانتفاضية قد إرتدت اليهم !
ففي حين حاول فريق من قوى التحالف الاصرار على خيار الانتفاضة ضد الحكومة واسقاطها -هكذا بضربة واحدة- فإن فريقاً آخر دعا الى تأييد اعلانيّ باريس وأديس بإعتبارهما المدخل الصحيح الى الحل السياسي الشامل.
الفريق الاول (فريق الاسقاط) تزعمه رئيس هيئة التحالف فاروق ابو عيسى بجانب الحزب الشيوعي السوداني، ثم حزب البعث الاصل! بينما وقف في الفريق الثاني (فريق الحل السياسي) بقية أحزاب التحالف. وكان واضحاً ان الفارق شاسع بين الفريقين بحيث يصعب رتقه ولكن كان الامر الذي يميز الموقف بأكمله ان القوى المتحالفة قد انشقت تماماً -وربما للأبد- الى شقين.
وبالطبع لا يمكن لأي عاقل ان يرد هذا الانشقاق الكبير الى أي سبب يتعلق بالحكومة كما كان البعض يتهمها باستمرار فى السابق، ولكن حتى لو تجاوزنا هذا الخلاف البنيوي الهائل ماذا بوسع قوى التحالف هذه -ولو كانت كانت متحدة ومتطابقة الرؤى والمواقف) ان تفعل وهي محاصرة بأطروحة الحوار الوطني الذي لا مناص منه شاءت أم أبت، ومحاصرة فى الوقت نفسه بسندان الاستحقاق الانتخابي الوشيك والذي لا مناص منه هو الآخر حتى ولو تأجل لعام أو عامين فهو قادم لا محالة؟
إن الناظر الى محتوى قوى التحالف يلاحظ بوضوح أنها عنصر أساسي ومحوري فى تردِّي الممارسة السياسية الراشدة في السودان، فهي من جهة أولى قوى غير مسنودة جماهيررياً وهي تقرّ بهذه الحقيقة ومن ثم فهي تعبر عن (أشخاص) بأكثر من كونها تعبر عن جماهير وقطاعات عريضة ومن ثم حتى ولو أتيح لها التحاور في مائدة الحوار الوطني فإنها خالية الوفاض من الاطروحات الموضوعية المحترمة.
ومن جهة ثانية فإن هذه القوى يمكن اعتبارها فقط (جماعات ضغط) اختارت لنفسها هذا الدور وان تملك وسائل ضغط مؤثرة، فلا هي ترتكز على إرث سياسي جماهيري معتبر ولا هي قادرة على استيعاب الواقع المستجد والمستحدث الماثل حالياً في السودان والمتغيرات المهولة التى جرت مياهها الغزيرة تحت الجسر. هي قوى من الماضي للاسف الشديد وتود الحصول على تذكرة المستقبل بتذاكر الماضي المهترئة.
وعلى كل فإن المطلوب من هذه القوى ان (تتحاور) هي أولاً بعمق مع مكوناتها ومن ثم تقرر ما إذا كانت تود اسقاط الحكومة عبر انتفاضة شعبية أم عن طريق الحوار والعمل السياسي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق