الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

الفارق الجوهري بين إعلان باريس ومذكرة أديس أبابا!

يحاول بعض قادة حزب الامة القومي ممن اضطربت الارض واهتزت تحت أرجلهم جراء اعلان باريس الذي وقعه زعيم الحزب –الصادق المهدي– بلا حسابات سياسية حصيفة مع ما يسمى بالجبهة الثورية؛ يحاولون عبثاً اجراء مقاربة مستحيلة بين اعلان باريس ومذكرتيّ أديس الاخيرة الموقعة بين الآلية الافريقية الرفعية برئاسة أمبيكي ولجنة 7+7 من جهة، والآلية الرفيعة وما يسمى بالجبهة الثورية من جهة أخرى.
والواقع ان الفارق بين الاثنين شاسع للغاية، فإعلان باريس وقعه حزب معارض -منفرداً- مع حملة سلاح ما يزالون يقاتلون الدولة السودانية ما وجدوا الى ذلك سبيلا وحتى ولو وردت فيه (إشارة إكرامية) كما قال مالك عقار رئيس الثورية بوقف اطلاق النار، فإن أحداً من طرفيّ الاتفاق مهما كانت قدراته قادرة على تنفيذ هذا البند على الارض مما يُستشف منه ان مقصد الطرفين -كلٌ بدوافعه وراؤه- هو تحقيق كسب تكتيكي عابر لحاجة في نفسه.
من جانب ثاني فإن اعلان باريس -وهذا هو جوهر الاختلاف- عمل على ترسيخ الثورية كجسم واحد طرفاً أولاً في مواجهة كافة الاطراف السودانية، مع ما في ذلك من خلط خطير للأوراق من شأنه ان يجعل من الثورية طرفاً مسلحاً مستحدثاً في المكونات السياسية السودانية، الأمر الذي يزيد من تعقيدات الازمة السودانية لأن من المعروف ان الثورية هي تجمع لحركات مسلحة مختلفة، كل واحدة منها تنتمي الى منطقة من مناطق السودان، وتحمل قضية من القضايا وفي الغالب فإن الثورية -بإعلان باريس- كانت تهدف الى حيازة اعتراف سياسي من أحد المكونات السياسية الحزبية وهو حزب الامة القومي.
أما في اتفاق اديس فإن المذكرات الموقعة لم تكن بين طرفين سودانيين، كانت مجرد (إعلان لمواقف من طرفين سودانيين فى شأن قضية الحوار الوطني بغرض اضفاء الشمولية المطلوبة للحوار. بمعنى أكثر دقة ووضوحاً فإن مذكرتي أديس هي (حالة اتصال سياسي) من قبل لجنة الحوار الوطني المعروفة 7+7 بمكون مسلح، الغرض منها استقطاب حملة السلاح -بعيداً عن المسمى- الى مضمار الحوار الوطني.
من جانب ثالث فإن مذكرتي أديس حتى وكونها أحدثت اختراقاً بنجاح لجنة الحوار فى ضم حملة السلاح الى مائدة الحوار؛ حتى مع كونها أحدثت هذا الاختراق إلا أن ما تم التوصل اليه قابل للمدارسة ومن ثم الجرح والتعديل بحسب الحال، وذلك على العكس تماماً من اتفاق باريس الذي ألزم حزب الامة القومي -منفرداً- وبلا آليات ببنود بعضها إن لم يكن كلها غير صالح للتداول السياسي.
إضافة الى كل ذلك فإن اعلان باريس لم يجد أي صدى محلي أو اقليمي أو دولي إذ أن فرنسا حتى على مستوى مدير ادارة افريقيا فى خارجيتها، تحاشت لقاء السيد الصادق المهدي رغم طلبه الذي قدمه وألحّ عليه! كما أن الجامعة العربية تحاشت التعليق على الاعلان رغم إلتقاء أمينها العام د. نبيل العربي بالمهدي بمقر الجامعة. ومعروفة ردّات الفعل المحلية من قبل القوى السياسية المختلفة -كلٌ بأسبابه- حيال الاتفاق.
وعلى ذلك فإن اعلان باريس في الواقع كان مجرد محاولة فاشلة من قبل الثورية للضغط على الحكومة السودانية ولكن جاءت مذكرتيّ أديس الاخيرة لتمحو تماماً سطور اعلان باريس وتضع الجميع أمام واقع جديد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق