الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

توضيحات "البشير"

ظهر المشير عمر حسن أحمد البشير بعد فترة منذ آخر مرة ظهر فيها في منبر سياسي مفتوح، وكان آخر مشاركة له في العاشر من أغسطس الماضي في سياق تدشين مشرع الحوار المجتمعي، حتى عاد أمس الأول من فوق منصبه مؤتمر ولاية الخرطوم (المؤتمر الوطني) بخطاب كانت أهم ملاحظاتي عليه الأجواء الودودة التي ميزت المناسبة، إذ بدأ البشير مرحاً يطلق المزحات ويلاطف البعض بأسمائهم وصفاتهم، وفي الوقت نفسه كان واضحاً ومباشراً في تحديد مواقف حزبه وتقييدها بسقوفات ومحددات. وهنا تأتي ملاحظتي أن وسائط التواصل الاجتماعي ومنصات نشرة الإخباري تعاملت مع الخطاب بأسلوب اختيار العناوين والعبارات الساخنة، انتقاءً من جملة طويلة أو تفسيراً قدم فبدأ للوهلة الأولى أن الخطاب قد (عصر) على المعارضة ومشروعات الحوار الوطني والسلام وهذا غير دقيق في تقديري.
البشير حسم فبركات بعض الجهات والتي روجت مثلاً أنه سيلتقي بالحركات المسلحة في أديس أبابا وهي ذات الجهات التي استعارت لسان الاتحاد الأفريقي وساطته وطفقت تملأ المجالس بقصص وحكايات وتطورات في مشروع الحوار الوطني من بنات أفكارها، مثل أن الحوار سيكون بالخارج وأن منبر مناقشة القضايا سيكون شاملاً، وكلها كانت تسريبات وضح بحسم الرئيس أمس الأول أنها لم تكن هي صحيح الحديث المنقول عن وساطة "أمبيكي" والتي اتفقت مع الخرطوم صراحة وبشكل لا لبس فيه، أن الحوار السياسي بالداخل والمشاركة متاحة لحملة السلاح بالوصول والخروج امنين، وأن قضايا السلام والتفاوض وتوابعها من وقف لإطلاق النار (وقف دائم) مكانها منبران متفق عليهما دولياً وإقليمياً، وهما الدوحة بالنسبة لدارفور و"أديس ابابا" بالنسبة للنيل الأزرق وجنوب كردفان.
رئيس الجمهورية تطرق لقضايا وهموم الناس في شأن الاقتصاد والخدمات، صحيح أنه لم يتمدد في هذا لطبيعة المنصة القائمة على حدث سياسي، لكنه مثلاً شدد على ضرورة إيصال الكهرباء لكل منزل وعلى تطوير الخدمات الصحية ونقلها الى مواقع المواطنين، وهي إشارات جيدة إن أخذها الجهاز التنفيذي بحقها ونشط فيها.ويبدو في هذا السياق أن ولاية الخرطوم قد حازت مبشرات رضا خاصة لوزير صحتها البروفيسور "مامون حميدة" والذي عليه التعامل مع الثناء الرئاسي بكثير من الحرص، فحميدة بعض ما يقوض نجاحاته الفظاظة البينة في إيصال أفكاره إذ لا يكاد يمر يوم إلا وللبروف قول قد يكون صحيحاً لكنه يخرجه بطريقة خاطئة!
عموماً ومن نبرة الثقة والارتياح التي تحدث بها البشير والذي كما يجمع المراقبون تتميز كلماته كلما كان مباشراً وبسيطاً وبلسان (أولاد البلد)، إذ يجيد النفاذ مباشرة الى أهدافه وشروحاته وبموضوعية عالية، ولهذا ونظراً وقياساً على حالة الثقة التي تبدت في خطاب (الأحد) ومخاطبته، فيبدو أن رئيس المؤتمر الوطني وقبلها رئيس الجمهورية يملك مفاتيح وكروتاً تجعل وضع استقباله للمرحلة المقبلة أكثر سهولة، وبمبشرات يعرف رئيس الجمهورية دون غيره الكثير حولها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق