الخميس، 8 نوفمبر 2018

ميثاق الشرف الصحفي.. وتدشين مسئولية السلطة الرابعة!

تنبع أهمية ميثاق الشرف الصحفي الذي تم التوقيع عيه في الأول من نوفمبر الجاري بمباني البرلمان السوداني بحضور رؤساء تحرير الصحف وصحفيي الإذاعة و التلفزيون ورئيس البرلمان و النائب العام وجهاز الأمن وكبار وقدامى خبراء الصحافة في السودان من كونه يمثل مرحلة من مراحل تطوير الممارسة الصحفية في السودان.
فالميثاق المكون من 20 بنداً يمكن اعتباره بمثابة (معاهدة وطنية) لإجراء موازنة عادلة بين الممارسة الصحفية الحرة؛  ومراعاة مقتضى الأمن القومي والمسئولية الوطنية، حيث اشتمل الميثاق -الذي نال رضا الصحفيين بلا استثناء- على بنود تحض على حق الحصول على المعلومة من قبل الجهات الرسمية في الدولة باعتباره حقا أصيلاً للصحافة، وفي ذات الوقت نصَّ على ضرورة تحاشي الأخبار المهددة للأمن القومي و الماسّة بالجيش والقوات النظامية وعدم نشر أية أخبار عن الجيش والقوات النظامية إلا من مظانها الرسمية –الناطق الرسمي أو من يقوم مقامه– كما أن البنود اشتمت على تجنب نشر الأخبار المبنية على شائعات او التى تنعكس سلباً على الأمن الاجتماعي و الثقافي.
الميثاق أيضاً اشتمل على تكوين آلية من الصحفيين وبعض القانونيين تمارس مهمة المحاسبة لمن يخالفون الميثاق حتى تصبح عملية المحاسبة نابعة من صميم الوسط الصحفي باعتبار المهنية والنواحي العملية التى عادة ما تتمتع بها آلية كهذه.
من المؤكد ان أهم هدف من المتوقع ان يحققه ميثاق الشرف الصحفي انه سوف يضع لبنة في بناء الصحافة وتطوريها، كونه يترك الممارسة الصحفية أولاً للضمير المهني واليقظة العملية للصحافيين بحيث يراقبون هم  أنفسهم قبل ان تراقبهم أي جهة أخرى، وفى هذا اتساع واضح لنطاق الحرية الصحفية كون ان الصحافة وحدها – دون سواها – من تخط خطاها وتضع قلمها في موضعه الوطني الصحيح الذي يراعي كافة جوانب وملابسات الظروف المحيطة بالوطن.
ثانياً، كون إن الميثاق يرسخ قيمة ووزن الكلمة -قبل كتابتها- لدى القلم الصحفي لان خروج الكلمة من غمدها وبعد إطلاقها ونشرها فان الأضرار تحدث وربما يصعب تدارك تلك الأضرار، ولكن ميثاق الشرف الصحفي يعزز قدرات الصحفي في تحرّي الوطنية والدقة و تعاظم المسئولية الوطنية قبل كتابة الكلمة، وقد كان رئيس جهاز الأمن السوداني حين قال (إن الخطأ في الصحافة قاتل) فهو الشخص الممسك بدفة الأمن و يعرف بدقة متناهية خطورة الخطأ في النشر.
ثالثاً، الميثاق يعزز من مشاعر الحذر والحيطة لدى المشتغلين في الصحافة من الوقوع فريسة سهلة لدى الجهات الأجنبية، ففي الغالب فان تلك الجهات الأجنبية تستدرج الصحافي و ينساق هو لها بحسن نية جرياً وراء الخبر أو المعلومة وتحقيق السبق الصحفي ولا يدرك مخاطر ما إنساق وراؤه إلا بعد فوات الأوان!
وفي هذا الصدد فان مخاطر الاستهداف الإستخباري للصحفيين تظل عالية وشديدة الخطورة والخيط فيها رفيع، ولهذا فان الميثاق حرص على أن يدق ناقوس الحذر في هذه النقطة بشدة.
وأخيراً فان إيلاء الدولة اهتماماً بهذا القدر للصحافة واهتمامها بالميثاق النابع من صميم المشتغلين في الصحافة وتشريف رئيس الوزراء والنائب العام ورئيس البرلمان ورئيس جهاز الأمن معناه و ببساطة شديدة ان السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان والتنفيذية ممثلة في رئيس الوزراء والقضائية ممثلة في النائب العام – وهي سلطات الدولة الثلاثة المعروفة – تعمل جاهدة جميعها لمعاونة السلطة الرابعة - وهي الصحافة، في تحمُّل  مسئولياتها الوطنية في بناء الدولة وتدشين تحملها لتلك المسئولية رسمياً دون تدخل من أي سلطة أخرى إسهاماً منها في بناء هذه السلطة الرابعة وتطوير مسيرتها لصالح المستقبل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق